التقدم الحاصل _ رغم بساطته_ في مفاوضات جنيف الاخيرة بين ايران والدول العظمى الخمسة قد اغضبت كثيرا بعض الجماعات في العالم. رئيس الوزراء الاسرائيلي اول المزعجين من هذه المفاوضات، فقد اتهم بنيامين نتنياهو المفاوضين الغربيين بالتراجع في المفاوضات وتقديمهم "هذه الصفقة التاريخية" لايران. المعارض المتزمت الاخر ضد عودة العلاقات بين ايران والغرب هي منظمة خلق التي تتمتع بحماية المحافظين الجدد والصهاينة في الغرب.
غضب نتنياهو، عندما عدّ هذا الاتفاق السريع "بالمعاملة السيئة" والتي ترفضها اسرائيل بشدة، يمكن مقارنته فقط مع تصريحات مسؤولي منظمة خلق. مسعود ومريم رجوي يعتبران اية علاقة مع ايران بـ "المداراة" وكل من يحاول اقامة علاقات عادية هو "عميل النظام".
هكذا عداء في صفقة تاريخية لايمكن ابرازه الا من قبل المتعطشين للسلطة لان طموحات هذه الجماعات لاتعطيهم فرصة التفكير بالسلام مطلقا.
تحذير المجلس الوطني للمقاومة _الجناح الاعلامي للمنظمة_ نشر بعد ساعات من التأكد بان الدول العظمى لم تتمكن من التوصل لاتفاق كامل في مفاوضات جنيف، وبحسب تقرير وكالة الانباء الفرنسية، ذكر المجلس الوطني للمقاومة "ان اي اتفاق بين الدول العظمى وايران لا يلزم ايقاف تخصيب اليورانيوم يعطي الفرصة لطهران للحصولها على الاسلحة النووية".
زعيم منظمة خلق؛ مريم رجوي وتبعا لما ذكره سيدها الجديد نتنياهو وضمن عرقلة المفاوضات قالت ان الاتفاق بين القوى العظمى وايران يجب ان يتضمن انهاء صناعة ونصب المعجلات واغلاق موقع الماء الثقيل في مدينة اراك بصورة كاملة… واعطاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية الحرية الكاملة لتفتيش جميع المواقع وخبراء النظام.
لعله لم يتوقع مسؤولوا منظمة خلق مطلقا انه وبعد يومين فقط من انتهاء مفاوضات جنيف، سمح لمسؤولين في الوكالة من تفقد موقعين نوويين اساسيين في ايران. حيث سمحت ايران لمفتشي الوكالة بتفقد منجم كجين (لاستخراج اليورانيوم) وموقع الماء الثقيل في مدينة اراك. وقع المسؤولون الايرانيون والوكالة بيانا مشتركا تضمن الاتفاق على خريطة طريق.
وفقا لتقرير الغاردين، في ذلك الوقت صرح وزير الخارجية البريطاني بعدم فشل مباحثات جنيف ولازالت هناك امور يجب متابعتها، كاتب تقرير الغاردين يذكر ان طرفي المفاوضات في جنيف أكدوا على حصول تقدم كبير.
الدول الغربية ،امريكا وبريطانيا اعترفوا باخطائهم الماضية اتجاه الشعب الايراني وهم اليوم يحاولون عدم تضييع الفرصة المتاحة لهم من قبل الحكومة الايرانية المعتدلة الجديدة.
في شهر آب /اغسطس 2013 اعترفت الادارة الامريكية بدورها في الانقلاب على الدكتور مصدق عام 1953 واعادة الشاه الى الحكم في ايران. المخابرات المركزية الامريكية نشرت وثائق تظهر دورها في عمليات باسم اجاكس ضد رئيس وزراء ايران الشعبي ، رغم الاعتراف بهذا الموضوع من قبل مسؤولين امريكيين اخرين بعد مرور عدة اشهر على نشر هذه الوثيقة بالضبط تزامنا مع مفاوضات جنيف الاخيرة اعترف وزير خارجية بريطانية السابق جاك استراو في مقابلة ضمن برنامج دورك (نوبت شما) الذي تبثه قناة الـ(بي بي سي) انه كانت لبريطانيا اهداف استعمارية في ايران وطالب الحكومة البريطانية والحكومة الامريكية الاعتذار بسبب تعاملهما السابق ضد ايران.
كما انه وفي اوائل السنة الحالية ، نشر جاك استراو مقالة في صحيفة التلغراف وضح فيها بصورة جيدة عدم ثقة الايرانيين ببريطانيا وعزى ذلك لتعامل الحكومة البريطانية السابق وقد ذكران الشعب الايراني لا ينسى اهانته المنظمة من قبل بريطانيا.
استراو حذر بان الازمة الحالية حول البرنامج النوري الايراني تتطلب تعامل سياسي من قبل الطرفين. وزير الخارجية البريطانية السابق يذكر ان نتنياهو _التي ضعفت مكانته بعد الانتخابات الاخيرة في اسرائيل_ يتصدر مجموعة المتشددين. واظهر: "لم يأتي لحد الان احد اكثر من نتنياهو مطالبا بالحرب ضد ايران". استراو انهى مقاله بهذه الجملة: "الحرب: اختيار غير ممكن".
تصريحات نتنياهو العدائية كـ"نحن لسنا ملزمون بهذه الاتفاقات" تفيد انه لا يريد ان يتعلم الدرس الذي اخذه حلفائه من التاريخ. في عدائه هذا مع ايران لا يستغني عن اي شئ ، العدو عدوه اي ان منظمة خلق هي احدى هذه الادوات.
واما الخبر السئ لوكلاء اسرائيل في ايران اي منظمة خلق هو ان العالم اليوم يبحث عن السلام حتى في اسرائيل فان منافسي حزب نتنياهو هم يعارضون عقائده الداعية للحرب. من المؤكد ان احلام رجوي _ نتنياهو سوف لن تتحقق لان الاطاحة بالجمهورية الاسلامية لم تعد بعد من امال الغربيين ويبدو ان اولئك قد اتعضوا من اخطائهم التاريخية ووصلوا الى هذه النتيجة بان جميع الاختيارات ليست على الطاولة.
منظمة خلق _التي يزداد تعلقها باسرائيل يوما بعد الاخر_ تزداد انزواء يوما بعد الاخر.حربتهم الوحيدة من اجل الاحتفاظ بزمرتهم وليس انتصار نضالهم هو ملء جيوب بما لديهم من حماتهم في ساحتهم السياسية في الغرب.
كريم سجاد بور الخبير بشؤون ايران في مؤسسة اسلام الدولية كتب في صحيفة فارين باليسي ان منظمة خلق ليس لها في ايران من الدعم الا الشيء البسيط لان عامة الايرانيين هم وطنيون وان الايدلوجية المبهمة للمنظمة ومشاركتها صدام حسين حاميها الرئيسي قد ترك اثرا سيئا لديهم. سجاد بور وبما يخص بقاء المنظمة رغم عدم وجود اسناد شعبي لها يذكر: "ان ما ابقى المنظمة في الأخبار هو جيبها المملوء بالاموال وعندما تنتهى اموالهم ستتحول الى لا شئ."
في حالة فقدان المنظمة لمصادر اموالها سيكون تعويلها من الناحية المالية والعسكرية والمعلوماتية على اسرائيل فقط (رغم ان اساس ايدلوجية المنظمة كانت ضد الصهيونية وضد الامبريالية).
مزدا بارسي