على الرغم من وجود واجهة ائتلافية تجمع شتات منظمة خلق إلا أنها هرمياً وتنظيمياً مبنية على خلفية التناقض الأيديولوجي لشخصيتها التنظيمية التي تأسست عام 1965 كجماعة إسلامية تخوض حرب عصابات في مدن طهران ضد أزلام الشاه والتي ضمت لاحقاً خليطاً من الفرقاء السياسيين والأيديولوجيين من قبيل اليساريين والإسلاميين والشيوعيين والذين لا يجمعهم سوى عداء الحكم الملكي من آل بهلوي. والحق يقال فأن هذه المنظمة وبسبب عداؤها للملكية الشاهية آنذاك فقد حاولت جاهدة كسب الصف الإسلامي والعمل من ضمنه وهذا واضح عندما طلبت قيادات هذه المنظمة قبيل اندلاع الثورة الإسلامية العمل مع الإمام الخميني وعلى خطه الجهادي إلا إن استدراك الإمام الخميني لهذه المنظمة وتوقفه عند تعاطيهم الموسمي مع الأحداث والذي كان بحكم قراءة أستباقية لها كان بحكم الإعدام شعبياً ضد جماهيرية هذه المنظمة وكشفاً مبكراً لنواياهم الدنيئة ، إلا أن هذه المنظمة ـ وبعد عامين فقط من انتصار الثورة الإسلامية في إيران ـ كانت قد تعرت عن وجهها الحقيقي لتكشف النقاب عن زيف إدعاءاتها وتعلن صراحة عن عداؤها لهذه الثورة الخديجة وتنتقل إلى مرحلة العمل العدائي لرجال الدين من الثوار الجدد ومحاولة إثارة انتفاضة مسلحة ضد آية الله الخميني لتعلن عن صدق نبوءة الأمام الخميني التي أكدت على ميكافيلية هذه المنظمة وعمالة قياداتها.
وبعد أربع سنوات من المنفى الاختياري لها في فرنسا ، عادت منظمة "خلق" لتستقر في العراق أوائل عام 1986 بعد أن وضع لها صدام حسين ميزانية خاصة تكفل لها بناء ترسانتها العسكرية وتضمن معيشتها الرغيدة ليستخدمهم مستقبلاً ورقة ضغط وقوة عسكرية مناوئة للجمهورية الإسلامية في إيران مرة وضد الشعب العراقي مرة أخرى.
إلا أن سقوط النظام الفاشي لصدام حسين في 2003 كان قد وضع حداً للدعم المالي واللوجستي العراقي وذلك بتجفيف جيوب الدعم المفتوح لها لتكون بعد ذلك يرقة في حضانة أمريكية ولنفس الأهداف التي سخرها من أجلها صدام حسين سابقا ، لتعد مصدراً استخباراتياً مهماً للإدارة الأمريكية خاصة فيما يتعلق بملف إيران النووي وأن أعلن إعلامياً ـ إعلامياً فقط ـ عن تجريد القوات الأمريكية لهذه المنظمة من أسلحتها لتعلن ـ وذلك عبر خطة مدروسة ـ حيادية هذه المنظمة عبر وصف الإدارة الأمريكية
لها بـ "أنها ليست سوى "أشخاص تحت الحماية" بموجب اتفاقيات جنيف وبالأخص بندها الرابع وهي ـ الإدارة الأمريكية ـ تحتجز أكثر من 3,000 شخص منهم داخل معسكرهم الرئيسي (أشرف) الواقع جغرافياً في مدينة العظيم شمال بغداد " لتعلن الولايات المتحدة عن نقيض مواقفها السابقة عندما عدت وزارة الخارجية الأمريكية بتقريرها عام 1999 هذه المنظمة بأنها منظمة إرهابية.
وعلى الرغم من أن المجتمع الدولي كان قد أدرج منظمة "مجاهدي خلق" على قائمة المنظمات الإرهابية إلا أنها مازالت تحصل على دعم الكثيرين فكرياً وسياسياً لأهداف ومصالح أيديولوجية مرحلية ومستقبلية وهي ـ منظمة خلق ـ تصارع اليوم من أجل البقاء بغض النظر عن هذا البقاء وفي أي حضن ارتمت وعلى حساب أي وطنية او قضية أخرى كانت.
ولمنظمة خلق جملة من الأهداف السياسية التي تسير باتجاه تحقيقها ومنها :
1. تتبنى منظمة مجاهدي خلق ما يسمى بالإسلام الاشتراكي وهو مزيج بين الإسلام والشيوعية. وهو مسعى خبيث لطرح نظام سياسي جديد يهادن الماركسية السوفيتية سابقاً ويغازل الرأسمالية الغربية ويصافح الإسلاميين وصولاً للحكم الذي هو غاية وليس وسيلة بالنسبة لهذه القيادات.
2. تحاول قيادات هذه المنظمة الاستفادة من الحرب الدائرة بين الولايات المتحدة من جهة والجمهورية الإسلامية من جهة ثانية وذلك عبر عمالتها ضد الجمهورية بما يخص الملف النووي الإيراني والتجسس لصالح الولايات المتحدة الأمريكية ناهيك عن الحملات العسكري التي تقوم بها جيوب هذه المنظمة والتي تتمثل في اغتيال قيادات ورموز أسلامية في الجمهورية الإسلامية ، مع العلم أن ديدن هذه المنظمة التي تنطلق بعملها دائماً ممن يدين بالعداء للجمهورية الإسلامية في إيران أنما هو ديدن يدل على اللاوطنية لقيادات ومقاتلي هذه المنظمة بالضد من وطنهم الأم وهذا ما حصل منهم إبان تواجدهم على الساحة العراقية.
3. على الرغم من تحفظ قادة هذه المنظمة ـ إعلامياً ـ عن العمل العسكري ومحاولة تغرير الرأي العام بأنهم ليس إلا لاجئين سياسيين تؤكد الساحة العراقية على الماضي المر لهذه المنظمة خلال تحالفها مع النظام البعثي في قمع الانتفاضة الشعبانية ومن قبلها ضرب قرى وأرياف كردستان العراق ، ناهيك عن توجههم العسكري اليوم والمتمثل باحتضان بعض السياسيين العراقيين خصوصاً في محافظة ديالى والتي تنوي هذه المنظمة تمرير مأربها السياسية ومن ثم الإستخبارايتة والعسكرية عبرهم لتحل ضيفاً ثقيلاً على العملية السياسية ، مضافاً إليه الدور الخبيث الذي تلعبه هذه المنظمة في تأزيم وتأجيج الوضع الأمني سوءاً في شمال بغداد وديالى وكركوك.
4. تمتلك منظمة خلق سجل أسود في مجال حقوق الإنسان ، وهذا ما تؤكده دائماً منظمة هيومن رايتس ووتش الراعية لحقوق الإنسان خلال تقاريرها حول انتهاكات حقوق الإنسان والتي تؤكد على أن منظمة مجاهدي خلق ترتكب حماقات كبيرة بحقوق الإنسان خصوصاً ممن أنشق عنها وذلك عبر وضعهم في الحبس الانفرادي لمدد طويلة ناهيك عن تعذيب أعضائها المنشقين وضربهم وحجزهم في الحبس الانفرادي لعدة سنوات وذلك في معسكراتها الموجودة في العراق بغية إرغامهم على العمل بتبعيتها.
ومن نافلة القول أن وزارة الخارجية الأمريكية سبق وأن أدرجت هذه المنظمة على قائمة المنظمات الإرهابية ، بالإضافة الى ما يسمى بالمجلس الوطني للمقاومة في إيران والتي ادرجا كليهما على لوائح الاتحاد الأوروبي للجماعات المحظورة.
وعلى الرغم من استمرار الجناح السياسي لمنظمة مجاهدي خلق، وهو المجلس القومي للمقاومة الذي يتخذ من فرنسا مقراً له بالضغط على الحكومة الأمريكية وعلى بلدان الاتحاد الأوروبي لإلغاء هذا الصفة ورفع التقييدات التي ترتبت عليها ، تقدم هذه المجموعة نفسها "كبديل ديمقراطي" عن الحكومة الإيرانية بل وأبعد من ذلك قدم هذا الجناح نفسه على أنه "حكومة إيرانية في المنفى" ودعا المجتمع الدولي إلى الاعتراف به الا أنه ورغم العداء الدولي للجمهورية الإسلامية الا أن معظم الدول ما زالت تنظر بعين الريبة لهذه المنظمة ، حتى عدها بعض ممن كتب عنهم بأنهم ليسوا الا ترويج دعائي لا أكثر.
٠٨/٠٧/٢٠٠٨
المحامي بلاسم حامد مجيد