باستفزاز موتور، وبحضور برلمانيين بحرينيين شارك المدير السابق للمخابرات السعودية تركي الفيصل في تجمع زمره مجاهدي خلق الإيرانية في باريس.
وأكد أن هدفه هو ذاته هدف هذه الزمره : " وأنا أيضاً أريد إسقاط النظام".
من هي زمره مجاهدي خلق التي لم تتورع السعودية عن إعلان دعمها لها ومشاركتها (حلمها) بإسقاط النظام الإيراني؟ وما هو منهج هذه الزمره الفكري والسياسي والأخلاقي والحركي؟
ربما أفضل من يخبرنا بأسرار هذه الزمره هم أعضاؤها أو المنشقّون عنها ، في تسعينات القرن الماضي، فقد انشق عن زمره "مجاهدي خلق" المسؤول الثاني في الزمره ، بعد أن تورطت الزمره في المشاركة في غزو الكويت وقمع الأكراد العراقيين في الانتفاضة الشعبية التي سعت للإطاحة بنظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين. كريم حقي موني مسؤول اللجنة المركزية، المسؤول الثاني بعد رئيس التنظيم مسعود رجوي، كشف بعد سنوات لصحيفة الحياة السعودية الجرائم التي قامت بها الزمره في الكويت.
ويصف حقي موني أوضاع الزمره في إبّان غزو الكويت بأنها شهدت 3 مواقف مختلفة بناء على حسابات رئيسها رجوي، فيفصّل : "غيّر رجوي موقفه من احتلال الكويت ثلاثة مرات، الأولى حيث التعاطف مع العراق في قمته. وكنا نهرع بعد بدء الحرب الجوية لالتقاط طيارين أميركان يحتمل سقوط طائراتهم بالقرب منا".
بعد 20 يوماً على الحملات الجوية ضد العراق تغيرت لهجته، وبدأ يلمح إلى انتقادات سلبية، ومسؤولوه الآخرون وصلوا الى وصف صدام بالمجنون. في هذه المرحلة اقتنع رجوي بأن صدام "خاسر الحرب، وبدأ بتهيئة الزمره لمناخ ما بعد صدام".
ولكنه عاد إلى صف صدام بعد انتهاء الحرب وانقشاع غبار المعارك الكبرى ووقف النار وانسحاب الجيش العراقي من الكويت. وفي هذه المرحلة "بدأ بالتعاون العسكري المباشر مع الجيش العراقي لوقف زحف الانتفاضة الشعبية نحو بغداد وقطع الطريق على الأكراد لمنعهم من التقدم نحو السهول المؤدية الى العاصمة".
يمكننا أن نفهم سياسة هذه الزمره وأخلاقياتها من خلال استراتيجية استخدمتها إبان غزو الكويت. أسماها قادتها "استراتيجية ثغار". وثغار تعني قربة اللبن. ووفقاً لهؤلاء فإن الكويت "مثل قربة مليئة باللبن منخورة بالثقوب ويتدفق منها اللبن. وعلينا ان نحصل على حصة منه" كما يقول موني.
قد تلخص قربة اللبن المنخورة ما يحرّك هذه الزمره : ما يمكن أن تحصل عليه من حصة اللبن. لا يهما إن كان هذا اللبن شرعياً أم مغتصباً، لا يهمها أن تضع يدها في يد غاز معتد، لا يهمها إن كان لبن جارها أو صديقها أو عدوها، المهم هو الحصة التي يمكن أن تحصل عليها منه.
وبحسب حقي فإن انقساماً برز في صفوف الزمره ، حين رفضت مجموعة منهم منطق "ثغار"، لكنهم بقوا أقلية حاصرتها أصوات الآخرين. وقد أرسل رجوي قوات من "مجاهدي خلق" إلى الكويت للمساهمة في نهب ما يمكن نهبه". ويؤكد موني أن عناصر مجاهدي خلق الذين اقتحموا الكويت جلبوا معهم إلى قواعد الزمره في بعقوبة وأبو غريب أجهزة وثلاجات وأغذية. ويضيف"في ذلك الوقت كان التموين الغذائي اليومي يتضمن منتجات غربية مصدرة إلى الكويت لم تكن متوافرة في العراق قبل الاحتلال".
الأقلية التي رفضت بقيت معزولة، وتميزت بأنها تضم مناضلين ذوي تجربة منذ أيام الشاه وجدوا في "استراتيجية ثغار" "شيئاً غير أخلاقي".
مشاركة الزمره في قمع الأكراد
لم تكتف الزمره الإرهابية بالجرائم التي ارتكبتها في الكويت، بل انغمر "مجاهدي خلق" في الحرب الداخلية العراقية ومساهمتها بقوة في تنفيذ المجازر ضد المدنيين دعماً لنظام صدام. وفسّر رجوي الأحداث والتطورات المنتظرة في ظل الهزيمة العراقية بأنها تهديد للوجود المباشر للزمره التي ركزت غالبية جسمها العسكري والسياسي في العراق.
ويستذكر حقي موني من خطابات مريم رجوي تلك الأيام قولها للمقاتلين المكلفين بوقف زحف الانتفاضة الشعبية في آذار مارس 1991 "يجب أن نسحق الأكراد… استخدموا لهذا الغرض الدبابات واحتفظوا بطلقاتكم للحرس الثوري".
وكشف الشيخ عطا طالباني ، وهو شخصية كردية مستقلة ومعروفة ، وهو شقيق الوزير الشيوعي السابق مكرم طالباني تفاصيل تؤكد تورط الزمره في مجازر ضد المدنيين في كردستان. وقال ردا على نفي مجاهدي خلق إنهم "هاجموا السيارات المدنية التي كانت تتوجه لنقل جنود عراقيين استسلموا وأرادوا العودة الى بيوتهم عبر المناطق الريفية شمالا".
ويؤكد محمد رضا اسكندري الذي اختار الإقامة في هولندا بعد انشقاقه عن الزمره أنه كان ضمن قواتها في محور "سليمان بيك" حيث وقعت المجازر ضد المدنيين "كانت هناك محطة قطار قديمة تمركزنا عندها. وهناك قمنا بضرب الأكراد من ثلاث جهات مستخدمين أسلحة المدرعات والدبابات. أحصي 18 قتيلاً من الأكراد. كانوا يرتدون ملابس فقيرة وينتعلون أحذية بلاستيكية وأكثرهم تسلحاً كان يحمل بندقية كلاشينكوف.. ولم يكونوا يحملون أي سلاح آخر".
ويواصل اسكندري "دفناهم حيث ما وجدناهم في قبور جماعية، ضم بعضها 5 قتلى والآخر 4 قتلى، وهكذا". ويؤكد أن "مجاهدي خلق سلموا كل من تشير هويته إلى أنه كردي الى الجيش العراقي والمخابرات".
هذا هو النهج الأخلاقي والسياسي للزمره التي تدعمها السعودية اليوم علناً، إنها زمره تكفيها حصة من قربة لبن منخورة لتبيع شرفها وإنسانيتها وتضحي بكل الأعراف والأخلاقيات والمبادئ ولترتكب المجازر بحق المدنيين دعماً لنظام فاجر، فكيف بها اليوم، بعد أن وعدتها (السعودية) علناً، بالإغداق عليها بقرب عامرة باللبن والنفط ، فيما هي تستخدمها لضرب عدوها اللدود (إيران).