ان الاحداث التي تشهدها المنطقة العربية وشمال افريقية ورياح التغيير فيها قد جعل منظمة خلق في وسوسة فاخذت تتحرك عبر وسائل اعلامها مستغلة الظروف لتحقيق اهدافها. ان ما تؤكد عليه المنظمة وخلافا لواقع وطبيعة هذه الاحتجاجات والتظاهرات المدنية في الشوارع الذي يمكن اعتباره الوجه المميز والمعيار في المقايسة مع ما تعكسه منظمة خلق في اعلامها من محاولات بعكس صورة تسودها الفوضوية والعنف عن الظروف السائدة. وللبرهنة على هذا الادعاء يكفي النظر في كيفية تعامل المنظمة مع الاحداث وما تقدمه من تحاليل حولها وكذلك نقلها لأخبار لااساس لها من الصحة تفيد باستخدام العنف كالقيام بالتفجيرات والهجوم على المراكز العسكرية والاشتباكات المسلحة وأخبار من هذا القبيل في مواقعها على الانترنيت، أخبار مكثفة فقط في مواقع المنظمة، دون ذكرها لمصادر الأخبار ومثل هذا الاعلام قد اخذ شكلا واسعا بالنسبة للاحداث في مصر.
باستثناء النهج الانتهازي هذا الذي تقصد المنظمة من ورائه اظهار استراتيجية القوة والعنف فان ما يلفت الانتباه والذي يركز عليه اعلامها وسياستها هو تضخيم سوء اوضاع العراق الداخلية والمبالغة الاعلامية فيها. مما لا شك فيه ان تحولات المنطقة وبشكل طبيعي تترك اثرها على بعض المعارضين في سائر البلدان والعراق لايستثنى من هذه القاعدة، ففي العراق ورغم مرور مايقارب العشر سنوات على سقوط صدام الا ان بقايا صدام وحزب البعث يبذول جهودا من اجل عودتهم للحياة مرة اخرى والنفوذ في السلطة وان ظروف واوضاع المنطقة توفر افضل الامكانيات من اجل نزول هذا الطيف الى الشارع. يجب الاخذ بالنظر ان لهذه الاحداث وبشكل طبيعي اثرا متقابلا في دول سلّط عليها حكام لعقود متمادية دون الرجوع الى رأي الشعب واجراء انتخابات.
من الواضح ان مايجري في مصر وليبيا والبحرين واليمن و… الخ هو بسبب عدم الاعتناء بارادة الشعوب لذا فهو يسلب مشروعية هذه الحكومات، ومن البديهي هناك تباينا في الكم والكيف بين هذه الحكومات وبين النظام السياسي في العراق وحكومته التي شكلت بناءا على ارادة ورأي الشعب ولازالت مراكزه الاجتماعية والمدنية والديمقراطية في حالة التثبيت بل وحتى لاتزال ارضه محتلة من قبل القوات الاجنبية، ان ماتتبعه المنظمة من سياسية هذه الايام وعبر اعلامها وبشكل ساخر حيث ربطها الاوضاع الداخلية للعراق باوضاع المنطقة الذي يمكن للقاصي والداني ملاحظة مدى الفارق الواسع بينهم. ابان عهد صدام وتسلطه على رقاب الشعب كانت هذه المنظمة ولاكثر من عقدين من الزمن لم تراعي اي من حقوق هذا الشعب لا بل كانت تقف الى جانب صدام لقمع اي تحرك مشابه لما يجري اليوم في المنطقة المنظمة ورجوي الذي يختفي وراء خندق وزارة الخارجية الامريكية يتباكى كذبا على حقوق الانسان والحقوق السياسية للشعب العراقي وينادي تماشيا مع امريكا بحقوق الانسان والديمقراطية و…الخ، ناسيا انه وفي عهد صدام لم يعير اية اهمية لحقوق الشعب العراقي وفي هذه الايام حيث عاصفة الاحتجاجات وهي تجتاح الدول الافريقية والعربية ضد الديكتاتوريات والسلطات الوراثية التي خرقت مسامع العالم، نرى ان مواقع المنظمة على الانترنيت قد كرست على الاحداث الداخلية للعراق.
نؤكد مرة اخرى بان الاوضاع الراهنة في ذاتها لها تأثيرا خاصا على سائر الدول، اما مايجري في العراق فلا يمكن مقايسته مع مايجري في المنطقة، فحقيقة مايجري فيه هو عبث منظم وانتهاز للفرص للعودة بالعراق الديمقراطي الى مرحلة ديكتاتورية صدام. المنظمة تسعى بتضخيم هذه التجمعات التي سببها الخلافات القومية والعشائرية وبعضها تنظم من قبل بعض مجاميع وافراد يريدون بالعراق الرجوع الى العهد السابق. انهم يدعون نقض الحقوق وحرمان الحريات المدنية والسياسية في العراق وبحسب اعلام المنظمة فان المتظاهرين في شوارع العراق يطلقون شعار الموت للمالكي بكل حرية، هذا في الوقت الذي يتجنب المتظاهرين في مصر وباقي دول المنطقة ولاي سبب من اعطاء شعار مماثل رغم التسلط وعلى مدى عدة عقود من الزمن من قبل حكام مستبدين كحسني مبارك.
لا شك في ان مايجري بالعراق اليوم تقوم به بعض التيارات منها بقايا صدام الذين يريدون الموت للمالكي، اما تشبيه هؤلاء المتظاهرين وشعاراتهم بالمتظاهرين والشعارات التي يطلقونها في مصر واليمن والاردن و… الخ، هو من افعال منظمة خلق فقط. باستثناء هذا المسعى المستميت فان المنظمة تسعى بشكل مضاعف للاستفادة من الظروف واستغلالها، فلديها ميول ذاتية لجر هذه الاحتجاجات المجازية في العراق الى العنف والقوة. الظروف التي تمر بها دول المنطقة اليوم تعد خصوصية وفرص غير متوقعة بالنسبة لرجوي ويعير لها اهمية بالغة. هذه الظروف غير المتوقعة قد تهيأت اليوم لرجوي. الاولوية هي الانتفاع من هذه الظروف بخلط الاوضاع الداخلية للعراق ومهما كلف ثمن ذلك، كثافة الأخبار اليومية بخصوص الاوضاع الداخلية في مواقع الانترنيت للمنظمة عكس صورة عنف وخشونة عن هذه التظاهرات المنظمة من قبل بقايا البعث.
اميد بويا