معسكر أشرف- العراق؛ المجموعة الإيرانية التي تعيش في معسكر أشرف والبالغ عدد أفرادها أكثر من 3000 شخص كانت ذات يوم تمثل منظمة شبه عسكرية قوية تسعى إلى إسقاط الحكومة في طهران. في سبعينيات القرن الماضي قامت المجموعة بقتل بعض الامريكان في طهران، وبعد أن منحهم صدام حسين اللجوء في العراق عملت المجموعة كمرتزقة شاركت صدام في قمعه الوحشي للاكراد في شمال العراق والشيعة في جنوبه.
إنهم غير مرحب بهم اليوم في العراق ويعتقدون بضرورة حصولهم على الحماية في الولايات المتحدة رغم ادراج منظمتهم – مجاهدي خلق – ضمن قائمة المنظمات الإرهابية في وزارة الخارجية الأمريكية.
السفير لورنس بتلر ، الدبلوماسي الذي كان يتفاوض مع المجموعة قال " ربما تفكرون في هاواي ، ولا اعتقد أنكم تريدون الذهاب الى غوانتينامو".
على مدى الثلاثة أشهر الأخيرة كان السيد بتلر (مستشار السياسة الخارجية للجنرال لويد آستين؛ القائد الاعلى للقوات العسكرية الامريكية في العراق) يتنقل كل أسبوع ما بين بغداد ومعسكر أشرف في محافظة ديالى بالقرب من الحدود الايرانية، انه يسعى لإقناع أفراد المجموعة بمغادرة المعسكر من اجل اجتناب المزيد من المواجهات العنيفة مع القوات الأمنية العراقية في حالة بقائهم.
وبما أن الجيش الأميركي يبدأ انسحابه النهائي من العراق ، فان الموقف في معسكر أشرف يعتبر محيرا وصفحة غير منتهية من الحرب الأميركية في العراق.
هذه المجموعة تحمل أيديولوجية ذات طابع خاص تلفيقي من الفكر الشيعي والماركسية، في المرحلة الأولى من الحرب قام الامريكان بقصف المعسكر وقتل العديد من سكانه قبل نزع سلاح المجموعة المكون من أكثر من 2000 دبابة وناقلات أشخاص مدرعة. فيما بعد تولى الامريكان توفير الحماية للمعسكر هذا في وقت تكن فيه الحكومة العراقية التي هي على علاقة حسنة مع ايران العداء لهذه المجموعة. وفي نيسان قام الجيش العراقي بهجوم على المعسكر خلف وراءه عشرات القتلى ومئات الجرحى.
كانت مهمة السيد بتلر هي إيجاد حل ينقذ حياة سكان المعسكر من خلال نقلهم أولا إلى معسكر آخر بعيد عن الحدود الإيرانية ، ومن ثم نقلهم الى بلدان أخرى يستقرون فيها. انه يقول ان هدفه انساني. انه لم يظهر اي تاييد للسياسات التي تنتهجها المجموعة كما لم يبدي اي استعداد للعفو عن اخطائهم الماضية. بتلر يقول إن لا يريد الا نقلهم لانه يخشى حال بقائهم حدوث صدامات مع القوات العراقية وقتل مرة اخرى.
لقد ثبت ان هذا الحل ليس مجديا لأن سكان المعسكر رفضوا الرحيل وليس هناك بلد يرحب بهم. الوقت يمضي وقد ذكّر السيد بتلر أعضاء المجموعة بان القوات الأميركية سترحل.
السيد بتلر سفير سابق للولايات المتحدة في مقدونيا وتشير اولياته الدبلوماسية خوضه المفاوضات مع اعضاء الجيش الايرلندي السري وحتى مع مجرمي البالكان، الا انه يبدو وفي هذه المرة يواجه قضية صعبة.
وفي نهاية الجلسة حذرهم قائلا " إذا لم احصل على تأكيدات بشان انتقالكم الى مكان آخر في العراق فان جولة المفاوضات القادمة ستكون قصيرة جدا ".
بعد ست جلسات لم يحقق بتلر تقدما في اقناع المجموعة بترك المعسكر قبل ان يفي رئيس الوزراء نوري المالكي بوعده في غلق المعسكر نهاية هذا العام.
و مما زاد في المصاعب أن المجموعة لديها ماكنة اتصالات واعلام رهيبة و ممولة جيدا. حيث جذبت سياسيين من أمثال هيوارد دين و ويسلي كلارك – الجنرال العسكري المتقاعد – عن طريق الدفع لهما ليساندا المجموعة في خطاباتهما وقوى مقاومة المجموعة مقابل انتقالهم، مما أغضب المسؤولين الذين يحاولون ايجاد الحلول من أمثال السيد بتلر.
و بالإشارة الى الجنرال كلارك ، سأل بتلر المجموعة " كم دفعتم له؟ انه لا ينهض من السرير بأقل من 25000 دولار ". رد عليه احد الأفراد بان مؤيدي المجموعة و مسانديها " لا يفعلون ذلك من اجل المال ".
واشارة للحملة الاعلامية الواسعة لدعم المنظمة قال بتلر: " انا اتصور انه قد صرف مبلغ ما يقارب المليون دولار خلال الستة اشهر الماضية بخصوص هذا الموضوع، وان كنت عضو هيئة ادارتكم لم ارضى بهذه النتائج مطلقا".
واضاف قائلا: "الخبر المؤسف انه ليس هناك مفاوضا اخر غيري يجلس امامك على طاولة المفاوضات".
وفي مقابلة صرح الجنرال كلارك بانه قد استلم مبالغ من المجموعة وقال انه دائما يلقي كلمات في انحاء العالم ويصرح بارائه مستندا بخدماته الحكومية لعدد من السنوات. ( السيد دين صرح سابقا وبصورة علنية بانه قد استلم مبالغا من المجموعة مقابل اتعاب القائه الكلمات).
في بيان رسمي انكر ممثل المجموعة من دفعهم اية مبالغ للمتحدثين.
السيد بتلر يرغب برفع الوهم الذي اصاب هذه المجموعة منذ الاحتلال الامريكي وسبب بجذب مثل هذا التاييد. انه يقول وخلافا للتصور السائد فان المجموعة لم تقدم مطلقا اية معلومات ذات قيمة للامريكان حول حكومة صدام حسين كما انها لم تقدم اية معلومات ذا فائدة حول الحكومة في ايران بخصوص برنامجها النووي.
وقال ان هذه المجموعة ومنذ ستة سنوات تزود وكالة الاستخبارات الامريكية بمعلومات لا يعتمد عليها حول ايران بذلت جهود لسنوات حتى اتضح بانها ليست الا مجموعة اكاذيب. بهذا الخصوص قال: "انهم يتقنون قص القصص">
تمكنت المجموعة ومن خلال حملة قانونية في السنين الأخيرة من رفع اسمها من على قائمة المنظمات الداعمة للإرهاب في بريطانيا والاتحاد الأوروبي. كما نجحت في انتزاع حكم محكمة أميركية يلزم وزارة الخارجية في مراجعة إدراج اسم مجاهدي خلق في لائحة المنظمات الإرهابية، على أساس أن المنظمة نبذت العنف عام 2001 وبرهنت على ذلك بعدم شن أي هجوم في أي مكان في السنين الأخيرة.
وثائق وزارة الخارجية الامريكية تضم قائمة من الجرائم ضد الامريكيين خلال سبعينيات القرن الماضي تحوي اغتيال ضباط ومسؤولين امريكيين في طهران.
السيد بتلر خلال المفاوضات الاخيرة وبعيدا عن اعين ممثلي المجموعة قال "هؤلاء الناس ذبحوا مواطنين أميركيين. أيديهم ملطخة بالدماء".
قدم الامريكيين مقترحا يتضمن اخلاء اعضاء المجموعة للمعسكر الذي تصرفوا به ابان عهد صدام حسين كمقر عسكري ونقلهم الى معسكر اخر في العراق قبل تفكيكهم من قبل الامم المتحدة ومنحهم اللجوء.
بتلر قال لممثلي المجموعة: "بنظر العالم انتم منظمة شبه عسكرية وتعتبرون مجموعة خطرة".
ويبدي بتلر تشاؤمه من نجاح مهمته في إقناع المجموعة بترك معسكر أشرف وتفكيكها. وأعرب عن قلقه من عدم وجود ارادة سياسية لدى واشنطن.
وقال: " اتوقع أن واشنطن سوف لن تقدم لي اي دعم، هذا سم وارهاب ان كان في إيران او في العراق".
نشر هذا المقال بتاريخ 23 تموز 2011 في الصفحة الخامسة من صحيفة نيويورك تايمز الامريكية تحت عنوان "جماعة منفية ايرانية تحرج امريكا في العراق"