"العالم الخيالي للعاملات من الزنابير" هذا ما عبرت عنه الصحافية اليزابث روبين في صحيفة نيويورك تايمس عن معسكر أشرف في العراق. في الاسابيع الاخيرة كان هذا العالم الخيالي محط اهتمام بعض وسائل الاعلام. فمصير ساكني هذا المعسكر (ثلاثة آلاف) منذ سقوط صدام عام 2003م اصبح موضوعا معقدا ومثيرا ، لكن لماذا كل هذا التعقيد بخصوص مستقبل ساكني أشرف؟
ابتداءا يجب معرفة ماهية معسكر أشرف؟ اخر وصف لمعسكر أشرف هو ماجاء في مقالة السيدة اليزابث روبين آب /اغسطس 2011م. والتي سبق لها ان زارت معسكر أشرف عام 2003م وكتبت مقالا مفصلا تحت عنوان "فئة رجوي" ويعتبر المقال من اهم المصادر حول منظمة خلق لحد الان. انها وفي مقالها الاخير كتبت تقول: في كل مكان ارى نساء يلبسنّ زيا موحدا خاكي اللون ويضعنّ اوشحة خضراء مصفرة على رؤوسهنّ ويقودنّ شاحنات الى الامام والى الخلف ويكررنّ هذا العمل كأنما هنّ في مصانع الصين الماوية. التقيت بعشرات من الفتيات دفنّ داخل فوهة الدبابات يعملنّ على محركاتها بسرعة، الفتيات اخذنّ المجيء اليّ واحدة تلو الاخرى ليسردنّ عليّ قصة تغيير شكلهنّ.
كيف يمكن للمجتمع الدولي حل موضوع معسكر أشرف المعقد؟ معسكرا يحتفظ به رجوي كمقرا له كما يحتفظ بقواته فيه. وبحسب تقرير روتيرز فان الاتحاد الاوربي قد عين احد كبار الدبلوماسيين من بلجيكا للتنسيق مع الامم المتحدة والعراق والجهات الاخرى المعنية لحل موضوع الثلاثة آلاف (معارضين الحكومة الايرانية) في معسكر أشرف.
جان درويت، سفير بلجيكا السابق في الاتحاد الاوربي تم تعينه بعنوان مستشارا للبارونة كاثرين اشتون في موضوع معسكر أشرف.
ينبغي على المسؤولين الدوليين ان يعلموا بان مشاكلهم ستستمر مادام مسؤولي المنظمة لم يسمحوا لعناصرهم بتقرير مصيرهم بانفسهم. وفي تقرير لـ(باربارا اسلافين) مراسلة IPS قبل عدة ايام نقلت عن وينسنت كوشتل؛ ممثل واشنطن في المفوضية السامية للاجئين التابعة للامم المتحدة حيث قال بانه قد حصل توافقا قبل عشرة ايام مع المحامي القانوني لمنظمة خلق في لندن.
وفي حديثه مع IPS قال: انهم وافقوا على اجراء المقابلات الفردية مع عناصرهم، نحن اقترحنا مكانا بديلا بالقرب من أشرف.
يبدو انه خبرا جيدا لان قادة المنظمة كانوا دائما يرفضون مثل هذه الاقتراحات منها رفضهم مقترح المسؤول الامريكي لاورنس باتلر؛ قبل عدة اشهر والمتضمن نقل الاعضاء الى مكان اخر بعيدا عن الحدود مع ايران. باربارا اسلافين ذكرت تقول: "ان قيادة منظمة خلق لم تسمح لاكثر ساكني معسكر أشرف بطلب اللجوء او اجراء المقابلات مع ممثلي المفوضية العليا للاجئين دون حضور مسؤولي المنظمة".
عناصر منظمة خلق يحتفظ بهم في معسكر أشرف كرهائن، انهم يستحقون الرحمة والمواساة. ينبغي على المجتمع الدولي ان يبدي اهتماما تجاه مصير هؤلاء لانه ليس هناك من يمثلهم بصورة عملية وقادة المنظمة لن ينقلوا اصوات هؤلاء بشكل حقيقي الى مسامع الاوساط الدولية. كما نقرأ في تقرير الراند (RAND)، فان تواجد مايقارب من 70 % من عناصر المنظمة في أشرف هو خلافا لرغباتهم.
في مثلث المنظمة – العراق – المجتمع الدولي، فان الحكومة العراقية تلعب دورا خطيرا لان المنظمة قد احتلت جزءا من الاراضي العراقية منذ اكثر من ثلاثين سنة. خلال الشهر الماضي اتخذ المسؤولون العراقيون مواقف حازمة ضد وجود منظمة خلق في العراق، هوشيار زيباري وزير الخارجية العراقي اكد في لقائه مع كاثرين اشتون على ان حكومته لازالت على عهدها باغلاق معسكر أشرف قبل نهاية السنة الحالية.
المسؤولين والشعب العراقي يعارضون وبشدة تواجد القوات الاجنبية في بلدهم، رئيس الوزراء العراقي السابق، ابراهيم الجعفري الذي يرأس التحالف الشيعي حاليا اعلن بان احكاما قضائية قد صدرت بحق عدد من اعضاء منظمة خلق الارهابية، كما اكد ان تواجدهم في العراق هو تواجد غير قانوني.
من البديهي ان العراق لم يعد للمنظمة مكانا مناسبا ولذا قد تخوف مسؤولي المنظمة هذه المرة من تهديدات الحكومة العراقية واستسلموا اخيرا وسمحوا لساكني أشرف بتقديم طلباتهم بمنحهم اللجوء واجراء المقابلات بصورة انفرادية. مع هذا فان اتخاذ مثل هذا القرار من قبل مسؤولي الزمرة يبدو امرا عجيبا. اسلافين قد وصف حقيقة مسؤولي منظمة خلق بشكل واقعي:" ان قادة المنظمة يصرون على تخليهم عن الارهاب وهم الان يناضلون من اجل حكم ديمقراطي في ايران، الا ان ادبياتهم لازالت تقدس قائدتهم مريم رجوي وتعتبرها القائد الملهم، هذا ويجهل مكان اختفاء زوج السيدة رجوي ( اي مسعود) الذي دفع بالمجموعة الى المنفى".
وبفرض توفر شروط اللجوء لاعضاء المنظمة فاي بلد مستعد لايوائهم؟ السيد وينسنت كوشتل في مقابلته مع IPS يقول: "مشكلتنا هي الحصول على دول تأوي هؤلاء، واحتمال امكانية بقائهم في العراق ضعيف جدا".
في وقت لازالت المنظمة مدرجة في لائحة الارهاب لوزارة الخارجية الامريكية والقوانين الامريكية تمنع من دخولهم الى اراضيها، كما ان الدول الاوربية لايبدو عليها الاشتياق لايواء اعضاء مجموعة تلقت تدريبات عسكرية وكحد اقل اوقفت نفسها رهن قائد المنظمة وهدفها.
لنتصور قد توفرت الظروف المذكورة اعلاه؛ يمنح اعضاء المنظمة شروط اللجوء او بامكانهم وحسب رغبتهم العودة الى ايران الى جنب عوائلهم او الاقامة في بلد ثالث، فما مصير تلك السنوات من غسيل الدماغ واجتماعات النقد والنقد الذاتي وتعاليم الاخ مسعود؟ وماسيحل بمنظمة خلق؟ هل يمكن الابقاء على ثلاثة الاف فرد تحت سيطرة نظام غسيل الدماغ من قبل رجوي بدون وعاء ايدلوجي باسم أشرف او يجب قراءة الفاتحة على رجوي ومنظمته؟
مزدا بارسي