شطبت وزارة الخارجية الأمريكية يوم الجمعة الماضي بأوامر من الوزيرة هيلاري كلينتون اسم منظمة خلق من قائمة المجموعات الإرهابية، ونجحت بذلك المنظمة في حملتها التي استغرقت سنوات عدة وكان جزء كبير منها مخصصاً من اجل كسب تأييد الساسة واللوبي في واشنطن.
وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" في تحليل مسهب ان منظمة مجاهدي خلق صعدت على مدى عامين من حملتها القانونية ونشاطاتها الرامية إلى كسب الساسة المعروفين، حيث يمكن العثور على أسماء عديدة لأعضاء حاليين وسابقين في الكونغرس، بل ورؤساء سابقين لوكالة الاستخبارات والـ "اف بي آي" بين شخصيات أمريكية ساندت هذه المنظمة.
وقد شارك العديد من هؤلاء في اجتماعات منظمة مجاهدي خلق وتحدثوا فيها ووقعوا على عرائض مختلفة لدعم هذه المنظمة وذلك مقابل تسلم مبالغ باهظة.
وبعد ولوجها في صراع عنيف على السلطة مع نظام الجمهورية الإسلامية في الأعوام الأولى للثورة، نقلت منظمة مجاهدي خلق مقرها الرئيسي إلى العراق وتعاونت بشكل وثيق مع حكومة صدام حسين خلال حرب الثماني سنوات بين إيران والعراق.
وأفضت هذه السياسة والأساليب الفئوية والقمعية المهيمنة على هيكلة التنظيم وسُلمه، إلى انحسار شديد في سمعته بين الرأي العام الإيراني.
وقد تسلم معظم الأمريكيين المساندين لمنظمة مجاهدي خلق، مبالغ نحو 15 إلى 30 ألف دولار إزاء إلقاء محاضرات في اجتماعات مؤيدي المنظمة. كما دفعت كل التكاليف الخاصة برحلاتهم إلى المدن الأوروبية ومنها باريس، وكذلك نفقات إقامة هؤلاء الأشخاص المشاركين في اجتماعات مجاهدي خلق.
على سبيل المثال أعلن قبل أشهر، إدوارد جي ليندل الحاكم السابق لولاية بنسلفانيا انه تسم إلى الآن مبلغا يتراوح بين 150 ألف دولار و 160 ألفاً من هذه المنظمة.
مع هذا يصور عدد من الساسة والأوساط المحافظة في الولايات المتحدة هذه المجموعة بأنها الخيار الديمقراطي لمستقبل إيران. ورغم إن قرار وزارة الخارجية الأمريكية الرامي إلى شطب اسم هذه المنظمة من قائمة المجموعات الإرهابية سيثير غضب الحكومة الإيرانية، فان العديد من الخبراء بالشأن الإيراني يعتقدون أن التوتر في العلاقات بين إيران والولايات المتحدة في الظروف الراهنة بلغ حدا من التفاقم، لا يمكن لمثل هذا الأمر أن يزيد من حدته.
وتضيف صحيفة "نيويورك تايمز" في تحليلها: "أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية قبل أشهر أن قرار الشطب منوط بمغادرة أكثر من 3 آلاف من أعضاء منظمة مجاهدي خلق معسكر أشرف. إذ تم في النهاية، الأسبوع الماضي، إجلاء آخر مجموعة من الباقين في معسكر أشرف إلى معسكر بالقرب من مطار بغداد.
وبعد احتلال العراق في العام 2003، نزع الجيش الأمريكي سلاح أعضاء منظمة مجاهدي خلق وأصبح مسؤولاً عن الحفاظ على أرواحهم. لكن منذ أن تولت الحكومة العراقية في العام 2009 مسؤولية الحفاظ على معسكر أشرف، وقعت مواجهات مسلحة بين أعضاء المنظمة وقوات الأمن العراقية راح ضحيتها نحو 50 من سكان المعسكر.
وتفيد نيويورك تايمز ان مسؤولي منظمة مجاهدي خلق اخذوا يتلكأون في مجال التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية من اجل إخلاء معسكر أشرف؛ الأمر الذي كانت تطالب به الحكومة المركزية في العراق منذ سنوات. وقد ألغى قادة مجاهدي خلق مرارا البرامج المتعلقة بإجلاء أعضاء المنظمة، وفي نفس الوقت كانوا يشكون من الظروف الصعبة للحياة في المعسكر وضغوط الحكومة العراقية.
وتؤكد الصحيفة الأمريكية أن دعم عدد من الساسة الأمريكيين المعروفين ساعد الحملة الدعائية والقانونية التي خاضتها منظمة مجاهدي خلق. ومن هؤلاء المسؤولين السابقين جيمس وولزي وبورتوغاس من الرؤساء السابقين للـ "سي آي ا" ولويس جي. فري المدير العام السابق لـ "اف بي آي"، وتام ريتش وزير الأمن القومي في حكومة جورج بوش، ومايكل بي. موكاسي المدعي العام السابق، والجنرال جيمس جونز أول مستشار للأمن القومي في عهد باراك اوباما.
ليس جميع هؤلاء لكن معظم المساندين الأمريكيين لمنظمة مجاهدي خلق تسلموا مبالغ تتراوح بين 15 ألف دولار و 30 ألفاً مقابل إلقاء كلمات في اجتماعات لمؤيدي المنظمة.
ويعتقد بعض خبراء الشأن الإيراني أن منظمة مجاهدي خلق، رغم اسمها المثير، هي أقل أهمية بكثير مما يدعيه مساندو هذه المنظمة او معارضيها.
ومن المقرر أن يبقى نحو مئة شخص من أعضاء هذه المنظمة في معسكر أشرف وبموافقة الحكومة العراقية وذلك للإشراف على أموالها وممتلكاتها. وفي نفس الوقت بدأت الأمم المتحدة بمقابلة الأشخاص الذين تم إجلائهم إلى المعسكر الجديد وهي تبحث عن دول تقبل هؤلاء كلاجئين سياسيين.