أثار قرار الإداره الأمريكيه شطب منظمة »مجاهدي خلق« الإيرانيه المعارضه في الخارج من »قائمه المنظمات الإرهابيه« انتقادات على نطاق واسع في الأوساط الإعلاميه الأمريكيه. ورأى المنتقدون أن وسم »الإرهاب« أصبح يستخدم لأغراض سياسيه، إلى درجه أن الكلمه فقدت أي مظهر لمعنى موضوعي. كما أشار المعلقون إلى أن المال لعب دوراً كبيراً في هذه القضيه، حيث تم دفع ملايين إلى مسؤولين سابقين كبار، وسياسيين بارزين، ومجموعات ضغط »لوبي«، وحتى صحافيين، ومن بين الذين كتبوا حول الموضوع المدون والمعلق داني شيشتر، الذي قدم لمقال له بالقول: »متى لا يكون إرهابي إرهابياً؟ جواب: عندما تقول الحكومه الأمريكيه ذلك«. وقال في مقال نشره موقع »زي نت«:
في الثمانينيات، عندما كان المجاهدون في أفغانستان يغتالون أعضاء في حكومه بلدهم المدعومه بقوات سوفييتيه، كان القتله بنظر واشنطن مقاتلين من أجل الحريه، لكن بعد أقل من عقد، عندما انقلب هؤلاء المقاتلون ذاتهم على حكومه أفغانيه نصبتها الولايات المتحده، وبدأوا يقتلون مسؤولين أفغاناً وجنوداً أمريكيين، وسموا بالإرهاب.
وفي العام ،۲۰۱۱ عندما أخذت مجموعات مسلحه تقاتل ضد حكومه معمر القذافي في ليبيا بدعم من حلف الأطلسي، كانوا يسمون مقاتلين من أجل الحريه. وفي سبتمبر/أيلول، عندما لجأ بعض منهم إلى العنف ضد الولايات المتحده التي تهيمن الآن على السياسات الليبيه، وصفوا بأنهم إرهابيون.
وبعد أيام، قررت الحكومه الأمريكيه، بناء على مبادره من وزيره الخارجيه هيلاري كلينتون، رفع منظمة »مجاهدي خلق« من قائمه الإرهاب، علماً بأن وزاره الخارجيه الأمريكيه أدرجت هذه المنظمة على القائمه منذ ۱۵ سنه. وهذا يعني أن هذه المنظمة وأنصارها لن يتعرضوا بعد الآن إلى عقوبات قانونيه وماليه. في يوم، كانوا إرهابيين يثيرون الخوف، وفي اليوم التالي لم يعودوا كذلك. أي أن »الأشرار« يصبحون »أخياراً« بجره قلم.
وقد أفاد تقرير لصحيفه »نيويورك تايمز« أن هذه المأثره تحققت بفضل ما وصفته بحمله ضغط »خارقه« كلفت ملايين الدولارات على مدى سنوات. وقالت الصحيفه: »هذه المنظمة، المعروفه باسم »مجاهدي خلق«، كانت قد شنت هجمات إرهابيه في السبعينيات والثمانينيات، أولاً ضد حكم الشاه في إيران، وفي ما بعد ضد رجال الدين الذين تولوا السلطه بعد إسقاطه، وكان بين القتلى عده أمريكيين. وفي الثمانينيات، تحالفت هذه المنظمة مع صدام حسين، الذي سمح لها بالعمل انطلاقاً من معسكر أشرف داخل العراق.
ومن جهته، أشار موقع »يو.إس.نيوز« (أخبار الولايات المتحده) على الإنترنت إلى أن هذه المنظمة أدرجت في قائمه المنظمات الإرهابيه عام ،۱۹۹۷ وقال: »في وقت حديث العهد يعود إلى العام ،۲۰۰۷ حذر تقرير لوزاره الخارجيه (الأمريكيه) من أن منظمة مجاهدي خلق لا تزال تحتفظ بالقدره والإراده لشن هجمات في أوروبا، والشرق الأوسط، والولايات المتحده، وكندا، وأماكن أخرى«.
وقال الموقع إن قرار وزاره الخارجيه رفع المنظمة من قائمه الإرهاب جاء »بمباركه عشرات من أعضاء الكونغرس« الأمريكي. وقد أيد ما لا يقل عن ۹۹ عضواً في الكونغرس -من ديمقراطيين وجمهوريين على السواء- هذا القرار. وقبل ذلك بأسبوع فقط، التقطت كاميرات الصحافه مشهداً ظهر فيه رئيس مجلس النواب الأسبق نيوت غينغريتش، اليميني المتشدد الذي خاض حمله للفوز بترشيح حزبه الجمهوري للرئاسه، وهو ينحني أمام زعيمه »مجاهدي خلق« المتمركزه في فرنسا مريم رجوي.
وقد دفعت مبالغ كبيره من المال إلى شركات متخصصه في حملات الضغط من أجل كسب الدعم لمنظمة »مجاهدي خلق«. وأفاد موقع »يو.إس.نيوز« أن مبالغ تراوحت بين ۱۰۰ ألف و۳۰۰ ألف دولار دفعت لشركات حملات ضغط خلال العامين ۲۰۱۱ و۲۰۱۲.
وكشفت مؤسسه »بروبابليكا« الإعلاميه أن الصحافي البارز كارل برنشتاين حصل هو أيضاً على أموال لكي يدافع عن قضيه »مجاهدي خلق« ويدعو إلى شطبها من القائمه الإرهابيه. وفي إحدى المناسبات، ألقى برنشتاين كلمه في جمهور ضم رئيس بلديه نيويورك السابق رودي جيولياني، والنائب السابق باتريك كينيدي، ووزير العدل السابق مايكل موكاسي، ورئيس مجلس النواب السابق دنيس هاستيرن.
وهكذا أظهرت »مجاهدي خلق« ومجموعات الضغط النافذه تأثير المال في سير الأمور في واشنطن، كما أظهرت كيف أن مسأله الإرهاب تكون طيعه وقابله لتغييرات وفقاً لاعتبارات سياسيه.
"الإرهاب" في خدمه السياسه
هناك دروس يجب استخلاصها من قرار الحكومه الأمريكيه بشأن »مجاهدي خلق«، من بينها أن هناك نظام عداله منفصلاً للأمريكيين المسلمين، وأن الولايات المتحده تتبنى الإرهاب.
هذا ما يراه الكاتب والمعلق الأمريكي البارز غلين غرينوالد، الذي كتب مقالاً في صحيفه »الغارديان« قال فيه:
عندما حاولت إداره جورج بوش تبرير هجومها على العراق عام ۲۰۰۳ من خلال اتهامها صدام حسين بأنه راع ل»الإرهاب الدولي«، كان أحد أوائل الأمثله التي استشهدت بها هو أن العراق يوفر »ملاذاً« لمنظمة »مجاهدي خلق الإرهابيه«. وإدراج هذه المنظمة على قائمه الإرهاب كان يعني أن تقديم أي »دعم مادي« لها يعد بنظر القانون جنايه.
ورغم ذلك، كان كثيرون من مسؤولين حكوميين أمريكيين بارزين سابقين من كلا الحزبين السياسيين يتلقون على مدى السنوات الأخيره مبالغ نقديه كبيره لكي يلقوا كلمات لصالح »مجاهدي خلق«، وقد أصبحوا مدافعين عن هذه المنظمة، ودعوا صراحه إلى رفعها من القائمه الإرهابيه.
وفي العام الماضي، نشرت صحيفه »كريستيان ساينس مونيتور« تقارير أفادت أن عشرات آلاف الدولارات دفعت لهؤلاء المسؤولين الكبار السابقين لكي يتحدثوا دعماً ل»مجاهدي خلق«. وقد كان بينهم الديمقراطيون هوارد دين (الحاكم السابق لولايه فيرمونت والذي ترشح للرئاسه عام ۲۰۰۴)، وإد راندل (حاكم بنسلفانيا السابق)، وبيل ريتشاردسون (عمل في إداره كلينتون سفيراً لدى الأمم المتحده ووزيراً للطاقه ثم حاكماً لولايه نيومكسيكو)، ولي هاملتون (النائب السابق وحالياً عضو مجلس الأمن الداخلي)، وأيضاً الجنرال المتقاعد ويسلي كلارك، والجمهوريون رودي جيولياني، وفران تاونسند (مستشاره سابقه للرئيس بوش لشؤون الأمن الداخلي وحالياً شخصيه تلفزيونيه)، وتوم ريدج (نائب سابق وحاكم سابق لبنسلفانيا)، والوزير السابق موكاسي، وآندرو كارد (رئيس مجموعه العمل الخاصه بالعراق في البيت الأبيض خلال رئاسه بوش).
ومن بين الأصوات البارزه الأخرى التي تم تجنيدها من خارج الحكومه للدفاع عن قضيه »مجاهدي خلق«، آلان درشوفيتز (حقوقي ومعلق سياسي)، وإيلي فيزل (الناجي من محرقه الهولوكوست والحائز على جائزه نوبل للسلام).
ودفعت أموال أيضاً إلى صحافيين، من مثل كارل برنشتاين (واشنطن بوست)، وكلارانس بايج (شيكاغو تريبيون).
وقد نشرت »كريستيان ساينس مونيتور« تفاصيل عن برنامج تجنيد أنصار ل »مجاهدي خلق«، ونقلت عن مسؤول في وزاره الخارجيه قوله: »يتصل بك وكيل أعمالك، ويقول إنك ستحصل على ۲۰ ألف دولار مقابل إلقاء كلمه لمده ۲۰ دقيقه، وهم سيرسلون طائره خاصه، ويدفعون ۲۵ ألف دولار إضافيه بعد إلقاء الكلمه، وهم سيرسلون فريقاً يوجز لك ما يجب أن تقوله..«. وأشار تقرير للصحيفه إلى أن مثل هذه »العقود« تتكرر مرات عده، بحيث يحصل شخص على ما يصل إلى ۱۰۰ ألف دولار.
وفي ۲۱ سبتمبر/أيلول، أورد مراسل »الغارديان« في واشنطن كريس ماك غريل معلومات أساسيه إضافيه حول المستفيدين من هذه المدفوعات، وقال: إن هذه الحمله لدعم قضيه »مجاهدي خلق« شملت »توجيه مبالغ ضخمه من المال نحو ثلاث مجموعات مستهدفه: أعضاء في الكونغرس، ومجموعات ضغط في واشنطن، ومسؤولون سابقون نافذون«، كان من ضمنهم مايكل روجرز، النائب الجمهوري عن ولايه ميتشيغان والذي يتولى حالياً رئاسه لجنه الاستخبارات في مجلس النواب.
وأكثر ما يثير العجب في هذا الجهد هو التقارير التي أفادت أن »مجاهدي خلق« كثفت في الواقع أنشطتها الإرهابيه وأنشطه عسكريه أخرى خلال السنتين الأخيرتين. وفي فبراير/شباط، قال تقرير لشبكه »إن.بي.سي«، استند إلى أقوال مسؤولين أمريكيين، إن هذه المنظمة »تحصل على تمويل وتدريب وتسليح من الاستخبارات »الإسرائيليه«.
وذكرت »إن.بي.سي« أيضاً أن »تقارير غير مؤكده رسمياً في الصحافه »الإسرائيليه« وغيرها تقول إن »إسرائيل« و»مجاهدي خلق« كانتا وراء تفجير ۱۲ نوفمبر/تشرين الثاني الذي دمر الموقع الإيراني لأبحاث وتطوير الصواريخ بالقرب من طهران.
وفي إبريل/نيسان، قال (الكاتب والصحافي) سيمور هيرش في تقرير نشرته صحيفه »نيويوركر« إن الولايات المتحده ذاتها كانت على مدى سنوات تقدم تدريباً مكثفاً لعناصر في »مجاهدي خلق« داخل الأراضي الأمريكيه (بكلمات أخرى، قدمت الولايات المتحده لمنظمة مصنفه إرهابيه ذلك »الدعم المادي« بالذات الذي يجرمه القانون)، ونقل هيرش عن مسؤولين كثر قولهم إن »عمليات سريه مدعومه من الولايات المتحده تستمر في إيران اليوم«.
إن مخطط »مجاهدي خلق« هذا يوضح بصوره فاقعه الفساد الأخلاقي في صلب الثقافه السياسيه السائده في العاصمه الأمريكيه، والآن وقد أصبح شطب هذه المنظمة من قائمه الإرهاب رسمياً، نعتقد أن تسجيل خمسه دروس تستخلص من هذه الواقعه يستحق الجهد:
الدرس الأول: هناك نظام عداله منفصل للأمريكيين المسلمين في الولايات المتحده.
لقد شهد العقد الماضي العديد من الملاحقات القضائيه بتهمه »تقديم دعم مادي« للإرهاب ضد أمريكيين مسلمين بسبب تواصل عرضي وعديم الأهميه مع مجموعات مصنفه إرهابيه. وليس من المبالغه القول إن أي مسلم يصدف أن اقترب إلى أي مسافه من إحدى هذه المجموعات يصبح معرضاً للملاحقه القضائيه. وفي الواقع، تعرض كثيرون للملاحقه حتى بسبب أنشطه يضمن حريتها التعديل الأول في الدستور الأمريكي، وذلك بتهمه القيام بنشاط سياسي اعتبر داعماً لمثل هذه المجموعات.
وعندما يدانون في محكمه -والمسلمون المهمشون، وهم عاده فقراء ومغلوب على أمرهم، يدانون دائماً تقريباً- يزج بهم في السجون لعقود، وتحديداً في أجنحه من السجون تخضع لأنظمه تقييديه وقمعيه مشدده. ونتيجه لذلك، بات العديد من الأمريكيين المسلمين الذين يحترمون القانون يخافون من التبرع بمال لجمعيه خيريه إسلاميه، أو حتى من انتقاد مظالم، خشيه اتهامهم بتقديم »دعم مادي« لمجموعه إرهابيه. وهذا جزء من مناخ الخوف العام الذي يعيش فيه العديد من الأمريكيين المسلمين.
في المقابل، لدينا اليوم جمع متألق من مسؤولين أمريكيين سابقين وأمريكيين بارزين آخرين، من كلا الحزبين الكبيرين، يجمعون مبالغ طائله من المال من خلال دعم منظمة مصنفه إرهابيه. وعلى سبيل المثال، بعد أن حصل هوارد دين ورودي جيولياني على غلتهما من المال، اجتمعا بزعماء لمنظمة »مجاهدي خلق«، وذهب دين إلى حد التصريح بأنه يجب على الغرب أن يعترف بزعيمه هذه المنظمة كرئيسه لإيران. وهذا هو بالضبط ذلك النوع من التواصل مع مجموعه إرهابيه الذي يستدعي الملاحقه القضائيه بتهمه تقديم »دعم مادي« للإرهاب.
باختصار، هناك العديد من الأمريكيين المسلمين الذين يقبعون في السجون لسنين بسبب تواصل مع مجموعات إرهابيه هو أقل أهميه بكثير من الدعم الذي قدمته هذه المجموعه من المسؤولين السابقين إلى »مجاهدي خلق«. وهذا ما عناه محرر صفحه الافتتاحيه والتعليقات في صحيفه »نيويورك تايمز« أندرو روزنتال عندما كتب في مارس/آذار الماضي يقول إن هجمات سبتمبر/أيلول ۲۰۰۱ »أدت إلى نظام عداله منفصل للمسلمين«. والعكس صحيح بالمثل: النخبه السياسيه الأمريكيه يمكنها أن تتورط في جنايات شائنه -من تعذيب، وتنصت غير مشروع، وتقديم دعم لمجموعه إرهابيه بدافع الحصول على مال -وهي تتمتع بحصانه كامله.
الدرس الثاني: الحكومه الأمريكيه لا تعارض الإرهاب، بل تؤيده.
إن تاريخ القائمه الأمريكيه بالمنظمات المصنفه إرهابيه، والقائمه الشبيهه بالدول الراعيه للإرهاب، بسيط: تُدرج بلدان أو مجموعات على القائمه عندما تستخدم العنف من أجل تعطيل مصالح الولايات المتحده، وترفع من القائمه عندما تبدأ باستخدام العنف ذاته من أجل دعم مصالح الولايات المتحده. وقائمه الإرهاب ليست قائمه بأسماء إرهابيين. إنها قائمه بأسماء دول ومجموعات تستخدم قوتها من أجل تحدي إملاءات الولايات المتحده بدلاً من التقيد بها.
وقد عرض الباحث في جامعه نيويورك ريمي برولين نتائج بحوث مفصله ومعمقه بشأن التلاعب الصارخ بهذه القائمه: صدام حسين أدرج على القائمه عندما تحالف مع السوفييت في أوائل الثمانينيات، ثم رفع منها عندما أرادت الولايات المتحده تسليحه وتمويله ضد إيران في منتصف الثمانينيات، ثم أدرج عليها مجدداً في مطلع التسعينيات عندما أرادت الولايات المتحده مهاجمته.
والآن، بخصوص »مجاهدي خلق«، لدينا مجموعه يبدو -على الأقل حسب بعض التقارير- أنها كثفت أنشطتها الإرهابيه، ومع ذلك رفعت من القائمه. لماذا؟ لأنها الآن اصطفت ضد العدو الأول للولايات المتحده و»إسرائيل«، وأخذت تعمل بصوره وثيقه مع كلتا الدولتين، وهي بالتالي لم تعد -بصوره سحريه- »إرهابيه«.
الدرس الثالث: »الإرهاب« يبقى المصطلح الفارغ والأكثر عرضه للتلاعب في الخطاب السياسي.
اللافت للنظر هو أن الحكومه الأمريكيه لم تكلف نفسها حتى عناء التظاهر بأن الإرهاب له أيه علاقه كانت بقرارها رفع »مجاهدي خلق« من قائمه الإرهاب. وبدلاً من ذلك، استخدمت جزره الشطب من القائمه، وعصا الإبقاء في القائمه، للضغط على زعماء »مجاهدي خلق« لكي يرضخوا لمطالبه الولايات المتحده بإخلاء معسكرهم في العراق. ولكن ما هي علاقه الامتثال لهذا الطلب الأمريكي بالإرهاب؟ ليست هناك أيه علاقه، والقائمه لا صله لها إطلاقاً بالإرهاب. إنها ببساطه وسيله تستخدمها الولايات المتحده لمكافأه أولئك الذين يذعنون لإملاءاتها، ومعاقبه الذين يرفضون.
وبهذا فإن الإرهاب، على الأقل بمعناه المطبق عملياً، لا يعني سوى: العنف الذي يستخدمه أعداء الولايات المتحده وحلفائها. أما العنف الذي تستخدمه الولايات المتحده وحلفاؤها »بما في ذلك المجموعات التي لا تحمل صفه دوله«، فهو لا يمكن أبداً أن يكون إرهاباً، مهما يكن فظيعاً وإجرامياً.
الدرس الرابع: شراء النفوذ داخل الحزبين هو ما يحرك العاصمه واشنطن.
حققت »مجاهدي خلق« هدفها من خلال القيام بعمل يتجاوز مجرد تغيير المستفيدين من أعمالها بتحولها من التحالف مع صدام إلى التحالف مع الولايات المتحده و»إسرائيل«، فقد وجدت وسيله (كيف فعلت ذلك لايزال لغزاً) لضخ ملايين الدولارات في حسابات مصرفيه لمسؤولين سابقين كبار من كلا الحزبين، وشركات حملات ضغط في واشنطن، وعده صحافيين بارزين. بكلمات أخرى، حققت هذه المنظمة أهدافها السياسيه بالطريقه ذاتها التي تستخدمها معظم مجموعات الضغط في واشنطن، أي من خلال شراء النفوذ داخل كلا الحزبين.
وقد علق أحد الظرفاء على قرار وزاره الخارجيه بتغريده على موقع »تويتر« قائلاً: أي ملياردير أمريكي يستطيع بسهوله أن يحصل على إعلان عيد ميلاده عيداً وطنياً بمجرد إغداق ما يكفي من الأموال على شخصيات سياسيه وإعلاميه في واشنطن تنتمي إلى كلا الحزبين.
الدرس الخامس: هناك حاله عدائيه بين الولايات المتحده وإيران، ولكنها عموماً ليست من جانب إيران.
على مدى العقد الأخير، طوقت الولايات المتحده إيران كلياً، خصوصاً من جراء غزو بري لدولتين على حدودها الشرقيه والغربيه. وكانت هناك أيضاً عمليات مشتركه بين الولايات المتحده و»إسرائيل« لشن حرب إلكترونيه على الإيرانيين، واغتيال علمائهم المدنيين، وتدبير تفجيرات داخل أراضيهم. وقد كان الرئيس الأمريكي والحكومه »الإسرائيليه« يهددان باستمرار وعلانيه باستخدام القوه ضدهم.
والآن، قامت الولايات المتحده بخطوه كبيره من خلال تمكين منظمة تكرس نفسها لإسقاط النظام الإيراني من الحصول على تمويلات، ودخول دائره الاحترام الدوليه.
لقد اتخذت الولايات المتحده رسمياً الآن بادره واضحه لإضفاء شرعيه، إن لم يكن لتقديم دعم، لهذه المنظمة، بادره لا يمكن إلا أن تفاقم التوترات المنذره بحرب بين الدولتين.
ولنتصور فقط ماذا كان سيحدث لو أن إيران قامت بخطوات لإضفاء شرعيه على منظمة أمريكيه متمرده تكرس نفسها لإسقاط الحكومه الأمريكيه، ولها تاريخ طويل من ممارسه عنف خطير داخل أراضي الولايات المتحده.
صباح كنعان – جريدة الخليج الاماراتية