أكد الكاتب والصحفي الأمريكي الشهير، سيمور هيرش، احتضان الولايات المتحده الأمريكيه والكيان الإسرائيلي لمنظمة مجاهدي خلق، مضيفاً أن "أميركا ما زالت تدعم بعض العمليات السريه داخل إيران حتى اليوم".
وكشف الصحافي الشهير سيمور هيرش، نقلاً عن مصادر استخباراتيه أميركيه، عن قيام الجيش الأميركي وجهاز الاستخبارات الإسرائيلي بتدريب وتسليح عناصر من منظمة «خلق» الإيرانيه، التي تدرجها واشنطن على لائحه المنظمات الإرهابيه، وذلك خلال إداره الرئيس السابق جورج بوش.
ويشير هيرش، في تقرير نشره في مجله «نيويوركر» الأميركيه، إلى أن «من يعرفون بمجاهدي خلق قد حصلوا على تدريب مكثف من قبل قياده العمليات الخاصه المشتركه التابعه لوزاره الدفاع الأميركيه»، موضحاً أن «التدريب حصل بشكل سري في موقع تابع لوزاره الطاقه الأميركيه في نيفادا، وقد بدأ في العام ۲۰۰۵».
ويشير هيرش إلى أن «العلاقات بين المنظمة وأميركا توطدت بعد سقوط النظام العراقي في العام ۲۰۰۳، وبدأت قياده العمليات الخاصه المشتركه التابعه لوزاره الدفاع الأميركيه تعمل لإثبات صحه مخاوف بوش من أن إيران تسعى لبناء القنبله، حينها وصلت الأموال بشكل سري إلى مجموعه من المنظمات المنشقه من أجل خدمات الاستخبارات ودعم الأنشطه الإرهابيه المناهضه للنظام». وهكذا «وصل السلاح والموارد إلى مجاهدي خلق، يعلّق هيرش الذي يؤكد، نقلاً عن مسؤولي استخبارات حاليين وسابقين وعن مستشارين عسكريين، أن أميركا ما زالت تدعم بعض العمليات السريه داخل إيران حتى اليوم».
ويعتبر هيرش أن «العلاقات المتناميه بين الطرفين لم تنجح في سحب «مجاهدي خلق» من دائره المنظمات الإرهابيه»، مشيراً أن «لهذا السبب كان من الضروري الحفاظ على سريه التدريبات في نيفادا».
وأشار التقرير إلى أن «تدريبات مجاهدي خلق تمّ القيام بها كجزء من استراتيجيه الحرب التي بدأتها إداره الرئيس الأميركي السابق جورج بوش فيما يعرف بالحرب ضد الإرهاب، وانتهت قبل تولي الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما سده الرئاسه». وينقل عن جنرال متقاعد بأربع نجوم، وهو كان مستشاراً لإدارتي بوش وأوباما في شؤون الأمن القومي، كشفه أنه «تلقى معلومات في العام ۲۰۰۵ بشأن تدريب عناصر من مجاهدي خلق»، موضحاً أنهم يتلقون «التدريبات الأساسيه لفتره تمتد إلى سته أشهر».
إداره بوش طلبت منه مساعده «مجاهدي خلق» على جمع معلومات استخباراتيه عن برنامج إيران النووي
وينقل هيرش عن العميل المتقاعد في «السي آي إيه» روبرت باير، وهو ضليع باللغه العربيه وعمل طويلا في الشرق الأوسط، قوله إن «إداره بوش طلبت منه مساعده مجاهدي خلق على جمع معلومات استخباراتيه عن برنامج إيران النووي».
ويتابع باير «تبين حينها أن العمليه طويله المدى وليست مجرّد خطه مؤقته». كما ينقل عن خبير المعلوماتيه مسعود خودبندي، وهو كان مسؤولا في المنظمة حتى انشقاقه في العام ۱۹۹۶، روايته بأنه «بقي حتى العام ۱۹۹۶، كخبير معلوماتيه، منخرطاً في أنشطه المنظمة الاستخباراتيه كما في تأمين الحمايه للمنظمة». ويقول هيرش إن خودبندي «أبلغه انه علم من خلال منشقين آخرين عن تلقي عناصر المنظمة التدريب في نيفادا، علماً أن الأخير تضمن أكثر من الحفاظ على الاتصال أثناء الهجمات بل اعتراض الاتصالات أيضاً».
ونقل التقرير عن مصادر، طلبت عدم الإفصاح عن هويتها، قولها إنه «تم تدريب عناصر تنظيم خلق على كيفيه التنصت على المحادثات الهاتفيه والرسائل النصيه التي يتم تداولها داخل إيران، حيث يقومون بعد ذلك بترجمتها ومشاركتها مع مسؤولي الاستخبارات الأميركيه».
وفيما يذكّر هيرش باغتيالات العلماء الإيرانيين التي تمت في السنوات الماضيه، يؤكد أن مسؤولين رفيعي المستوى في إداره أوباما أكدا أن الهجمات نفذها عناصر من مجاهدي خلق ومولها «الموساد» الإسرائيلي، فيما نفيا أي تورط لإداره أوباما في الأمر، ولكن أحد مسؤولي الاستخبارات السابقين أكد أن العمليات استفادت من دعم الاستخبارات الأميركيه، مضيفاً أن الهدف لم يكن «الأينشتانيون» (نسبه إلى أينشتاين) بل «ضرب الروح المعنويه الإيرانيه، واستهداف منشآت تخصيب اليورانيوم ومحطات الطاقه في طهران».
ويختم هيرش في النهايه بالقول إن «مصادره لا تعرف ما إذا كان من تدربوا في نيفادا يشاركون في عمليات حالياً في إيران أو في أماكن أخرى»، لكنهم يشيرون إلى حجم المنفعه التي تلقتها المنظمة من أميركا بالقول «كان مجاهدو خلق مجرّد مهزله.. فيما باتوا اليوم يمتلكون شبكه حقيقيه داخل إيران، وهم يمتلكون اليوم القدره على تنفيذ عمليات ناجحه أكثر من قبل».
أميركا بمساعدتها للإرهابيين الإيرانيين ترتكب الخطأ الفادح نفسه
ويعلّق الكاتب في مجله «ذا أتلانتيك» ماكس فيشر، من جهته، على تقرير هيرش قائلاً إن «أميركا بمساعدتها للإرهابيين الإيرانيين ترتكب الخطأ الفادح نفسه». ويكتب قائلاً إن «السياسه الأميركيه يمكن أن تصبح أكثر تعقيداً. ففي العام ۱۹۸۰، دعمت أميركا الدكتاتور العراقي صدام حسين لأنه كان العدو الأعظم لعدوتنا إيران، ثم اجتاحت القوات الأميركيه بلاده في العام ۲۰۰۳ وقتلته، لأسباب من بينها دعمه للإرهاب»، مضيفاً «صدام كان يدعم مجاهدي خلق، والآن العديد من المسؤولين الأميركيين ينادون بدعمهم لأنهم أعداء إيران».
ويضيف فيشر موضحاً «حتى لو كان هيرش على خطأ بشأن الدعم الأميركي، إلا أن هناك لائحه طويله من المسؤولين الأميركيين الذين يطالبون بجعله على حقّ.. ومنهم أعضاء ما يسمى «لوبي مجاهدي خلق» الذي يضم عناصر من «السي آي إيه» و«الأف بي آي» وغيرهم الذين ينادون بشطب المنظمة عن لائحه الإرهاب».
ويلفت فيشر إلى ان الولايات المتحده لديها تاريخ طويل في تمويل المتمردين والإرهابيين كي يحاربوا أعداءنا بدلاً عنا، ويستشهد بمثال تمويل أميركا للمحاربين ضد السوفيات في أفغانستان، والذين انقلبوا في وقت لاحق عليها.
كما يمكن أن يسهم هذا الأمر، برأي فيشر، بتعقيد الوضع مع الشعب الإيراني الذي يطمح المسؤولون الأميركيون لجذبه إلى ناحيتهم، فـ«كيف تدعم أميركا منظمة هم يرون أنها تهاجمهم وتعتدي على أمنهم؟ إنها أميركا تكرر تاريخ أخطائها نفسه».