أعرب عدد من الخبراء السياسيين، عن اعتقادهم بان قرار الحكومة العراقية الخاص بحظر نشاط منظمة "مجاهدي خلق"، يعود الى انتفاء مبررات وجودها وعدم حاجة العراق لورقة ضغط على ايران بعد سقوط النظام السابق، في حين رأى باحث ان القرار قد يكون "رسالة حسن نية" للأيرانيين.
ويرى رئيس معهد العراق للدراسات الاستراتيجية فالح عبد الجبار، أن قرار الحكومة بمنع التعامل مع منظمة مجاهدي خلق الايرانية، "جاء بعد الزيارة الاخيرة التي قام بها المالكي الى ايران، وربما يكون هذا القرار ناتجا عن المفاوضات مع الحكومة الايرانية". متسائلا عن "المكاسب التي حصلت عليها الحكومة العراقية من ايران مقابل هذا القرار".
وكانت الحكومة العراقية، اعلنت يوم الثلاثاء الماضي، على لسان المتحدث باسمها علي الدباغ، "منع التعامل مع منظمة مجاهدي خلق الإرهابية من قبل أية منظمة أو حزب أو مؤسسة أو أشخاص عراقيين أو أجانب داخل العراق، واعتبار من يتعامل معها مشمولاً بأحكام قانون مكافحة الإرهاب وإحالته الى القضاء على فق القانون المذكور، فضلا عن وضع المنظمة تحت السيطرة التامة للحكومة العراقية، لغاية إخراجها من العراق والتعامل معها على وفق القوانين العراقية.
ويضيف عبد الجبار قائلا، للوكالة المستقلة للانباء (اصوات العراق) إن قرارا مثل هذا في العرف الدبلوماسي "يجب ان يكون له مقابل." متسائلا عن المكاسب التي حصلت عليها الحكومة العراقية من ايران "مقابل هذا القرار، فاذا كانت الحكومة قد حصلت على مقابل يكون القرار صدر بموجب فن ميزان القوى في المنطقة، اما اذا كان دون مقابل، فان القرار خال من الفن الدبلوماسي".
وتتخذ منظمة مجاهدي خلق، المعارضة للحكومة الإيرانية، معسكر أشرف في محافظة ديالى(57 كم شمال شرق بغداد)، مقرا لها، منذ ثمانينيات القرن الماضي، حيث كان النظام السابق يتعاون معها، إبان حربه مع إيران.
ويضيف عبد الجبار، "قد يكون القرار مجرد بادرة لحسن النوايا امام ايران، ولكن في السياسة والتعامل الدبلوماسي لا يوجد مكان لبوادر حسن النوايا". لافتا الى انه يجب ان تكون حسن النوايا متبادلة وليست من طرف واحد، مبينا ان "الهدف الاساسي من القرار هو ارضاء الجانب الايراني، وكذلك هو خطوة لابراز استقلالية القرار العراقي امام الايرانيين".
اما المحلل السياسي سعد الحديثي، فيرى ان "مجاهدي خلق عندما استضافهم النظام السابق استخدمهم كورقة في صراعه مع النظام الايراني، مثلما استخدم النظام الايراني احزابا عراقية كانت تتخذ من ايران مقرا لها، كورقة ضغط مقابلة، في اطار الصراع السياسي بين الطرفين". محملا الادارة الميركية عدم قراءة المشهد السياسي قراءة دقيقة، فعندما "انتهى النظام السابق ونشأ النظام السياسي الجديد، يبدو ان الادارة الامريكية لم تكن تحسب حساباتها المستقبلية بشكل دقيق، فوصفت منظمة مجاهدي خلق بالمنظمة الارهابية وجمعت جميع اسلحتها ووضعتها في مناطق محدودة".
ويعتقد الحديثي ان الامريكان "استدركوا العلاقة مع المنظمة في الاونة الاخيرة، ليتخذوا منها ورقة ضغط على ايران" حيث اشارت الادارة الامريكية الى ان هذه المنظمة "هي ورقة مهمة لايمكن التخلي عنها ضمن الصراع الحاصل بين الولايات المتحدة الامريكة وايران في المنطقة".
ويستدرك الحديثي قائلا، أن الحكومة العراقية "لم تقرأ هذه القراءة الدقيقة، ولا تزال بعض ارتباطات الكثير من الاحزاب السياسية مع طهران، تلقي بظلالها على توجهاتها السياسية". بسحب الحديثي الذي اضاف ان ""القراءة المصلحية بين الدول، لا تزال غير متبلورة لدى الكثير من النخب السياسية العراقية، وهذا ولد نوعا من سلبية التعاطي مع هذا الموضوع".
ومع ان الحديثي لا ينفي "تدخل الجانب الايراني في الشأن العراقي". الا انه يرى أنه "ليس من مصلحة العراق ان يستضيف اي جهة قد تسبب اشكال لدولة من دول الجوار.ط مشترطا في ذلك ان يكون بموجب قاعدة "التعامل بالمثل" اي انه لا "يمكن ان نلقي كل المعارضين للدول الاخرى خارج العراق، ونصفهم بالارهاب، في حين تقوم هذه الدول بالتدخل في الشان العراقي بصورة سلبية".
ويعود الحديثي ليلمح الى ان القرار جاء على شكل "محاولة لاقناع ايران بوقف تدخلاتها في الشأن العراقي" ،مقابل ان تقوم "ايران بوقف دعمها للميليشيات المسلحة في العراق".
واضاف ان "بقاء منظمة مجاهدي خلق، وطبيعة هذا التواجد وشكله، هو ليس بارادة الحكومة العراقية، والا لكانت الحكومة العراقية اقدمت على اخراجهم منذ اليوم الاول من توليها الحكم". مشيرا الى انه يعتقد بان بقاء منظمة مجاهدي خلق في العراق "يأتي بقرار من الادارة الامريكية، ولا يمكن ان تفرط به،م لان هناك امكانية دائمة لمواجهة بين طهران وواشنطن".
ويرى الباحث سعيد عبد الهادي، ان "قضية مجاهدي خلق يفترض ان تكون قد انتهت قبل الان." فالقضية كما يقول "حسمت من قبل مجلس الحكم عندما اصدر قرارا بحظر تواجد هذه المنظمة على الاراضي العراقية" مسائلا عن الجدوى من وجودهم "هل نحن بحاجة لورقة ضغط على ايران، وهل اصبحنا ورقة تلعب بنا جميع الدول المجاورة في ظل التجزؤ الذي نعيشه، وهل نستطيع ان نستخدم اي ورقة ضد الدول المجاورة".
واضاف عبد الهادي في حديثه لـ(اصوات العراق) "لقد تحولت قضية منظمة مجاهدي خلق الى قضية سياسية، وهي ليست كذلك بل هي قضية اخلاقية اجتماعية." معتقدا "ان مجاهدي خلق كان يجب ان يقدموا الى القضاء العراقي بتهمة قتل العراقيين، لانهم تسببوا بقتل مواطنين ابرياء".
وتسعى الحكومة العراقية إلى إنهاء وجود المنظمة على الأراضي العراقية، بسبب اتهامها بتصفية المعارضين العراقيين وقمع انتفاضة الجنوب عام 1991 ضد النظام السابق.
ويرى عبد الهادي ان القرار الذي اتخذته الحكومة العراقية، بشأن المنظمة "لم يأت لترضية ايران او اي جهة اخرى." مبديا استغرابه "من المناقشات التي جرت من قبل البرلمان الذي يفترض به ان يكون صوت المصالح العراقية، وليس المصالح الخاصة لجهات مرتبطة باجندات خارجية".
واضاف ان "الحكومة العراقية مشكلة من قبل التحالف الرباعي، وهي الائتلاف العراقي والتحالف الكردستاني، وهذه الاحزاب متفقة مسبقا ان منظمة مجاهدي خلق يجب ان لا تبقى في العراق، بعيدا عن الضغط على الولايات المتحدة في الاتفاقية العراقية الامريكية طويلة الامد، او حتى الضغط على او ارضاء ايران".
وتابع قائلا "القضية ابعد من الوقت الراهن، وتعود الى مديات تاريخية اسبق، كون هذه المنظمة في لحظة تاريخية كانت ورقة ضغط على الداخل العراقي وليس على الخارج الايراني".
وفيما اذا كانت الحكومة العراقية بحاجة الى المنظمة للضغط على ايران، قال الباحث الدكتور عامر حسن الفياض، ان "الحكومة العراقية لا تبحث عن اوراق ضغط على ايران، لانها حريصة على ان تكون العلاقة مع ايران سليمة ولا يسودها القلق، فضلا عن الحصول على الدعم للتجربة السياسة العراقية".
ويضيف الفياض، في حديثه لـ(اصوات العراق) أن "الحكومة العراقية، وبموجب الدستور العراقي لا تريد ان يكون العراق منطلقا او ممرا لاي فعل من الممكن ان يشكل تدخلا في الشأن الداخلي للدول المجاورة للعراق، لذلك هي حريصة على ان يكون موقفها متناسبا مع المصلحة العراقية اولا".
لكن الفياض يستدرك قائلا إن "من الممكن ان تكون المنظمة، ورقة ضغط بيد الولايات المتحدة الاميركية ضد ايران، على اعتبار ان العلاقة بينهما علاقة غير مستقرة ويسودها القلق." وهذا ما يدفعهما، بحسب الفياض "الى البحث عن اوراق ضغط على الطرف الاخر."
ع ع ا (تق) – ص ع ز – م ربغداد – اصوات العراق 19 /06 /2008 الساعة 20:24:59