ان موضوع حميد ابوطالبي وقصة تسنمه منصب سفير ايران في الامم المتحدة يدعو من جديد لفتح الملف المتناقض والمبهم المعقد لمنظمة خلق الارهابية. في الوقت الذي تمتنع امريكا منح ابوطالبي تشيرة الدخول وادعائها اشتراكه في ازمة الرهائن في السفارة الامريكية بطهران عام 1971م وعدم اعتراف ايران بقرار الحكومة الامريكية هذا، تسعى منظمة خلق تبرئة ماضيها المعادي للامبريالية محاولة منها الحصول على حماة اكثر من بين الساسة في امريكا.
وحسب تقرير قناة cbc الخبرية، "القانون الامريكي يسمح للادارة الامريكية بمنع دخول دبلوماسيوا الامم المتحدة ممن يعدون تهديدا للامن القومي. لكن خطوة اوباما المتسارعة هذه يمكن ان تؤدي لانتقادات ضد امريكا تقوم على اساس استغلال نفوذها السياسي بشكل غير مناسب." بالطبع ان منظمة خلق تريد ان يكون لهذا "الاستغلال غير المناسب للنفوذ السياسي" واقعا مؤثرا لانها كجماعة لها حضور سابق في القائمة الامريكية للارهاب، وان بقائها يرتبط بمدى الدعم التي تحصل عليه من الغرب. وبذلك فانه كلما زاد تعكر المياه بين ايران وامريكا فان بقائها يدوم اكثر.
في حزيران من عام 2001م، كتب كينيث تيمرمان الصحفي الامريكي المعارض المتشدد للجمهورية الاسلامية مقالا انتقد فيه وبشدة دعم بعض الساسة الامريكان لمنظمة خلق عارضا وثائق صادرة عن وزارة الخارجية الامريكية تكشف عن "ان منظمة باسم مقاتلي خلق، تؤيد الاستيلاء على السفارة الامريكية بطهران في تشرين الثاني عام1979م."
يبدو ان تأييد منظمة خلق للاستيلاء على السفارة انذاك كان نتيجة سوء تقدير المنظمة. ولانها لم تتمكن فيما بعد من الحصول على نصيب في نظام الجمهورية الاسلامية، يحتمل انه وبعد عدة سنوات قد علموا بخطئهم، لكن الاعتراف بالخطأ بين قادة منظمة خلق ليس متعارف عليه مطلقا بل ان تكذيب المواقف وتغييرها فجأة هي الشائعة بكثرة. وفي هذا المجال يكتب تيمرمان ان تأييد منظمة خلق لاحتلال السفارة لم يكن موقفا فيه مراعاة للدبلوماسيين الامريكان. وكان ذلك قبل سنتين من حذفهم من سلطة اية الله الخميني."
لذلك، وفي الاختلاف الاخير بين الادارة الامريكية والحكومة الايرانية راح الجهاز الاعلامي للمنظمة مستخدما تقنياته الانتهازية لشراء حماة اكثر للمنظمة في واشنطن وتعدى حدوده، ففي مجال تشديد حدة الاختلافات والفرقة ادعا ان "محتجزي رهائن السفارة هم الان يتسنمون مسؤوليات كبيرة في حكومة روحاني." وللبرهنة على ادعاءاتها اكتفت المنظمة بدرج بعض الصور منها واقعية واخرى مفبركة مواقعها الالكترونية ولم تعرض اية وثائق اخرى.
لقد تم تحرير الرهائن من قبل الحكومة الايرانية بعد مرور 444 يوما من الاحتجاز، هذا الاجراء لاقى اعتراضا شديدا من قبل منظمة خلق التي كانت تعتبر نفسها انذاك هي "طليعة الكفاح ضد الامبريالية الامريكية". جدير بالذكر ان الجمهورية الاسلامية لم تلحق اي اذى باي من الرهائن واعادتهم الى بلدهم سالمين لكن منظمة خلق هي الجماعة الايرانية الوحيدة التي لوثت اياديها بقتل الامريكيين.
وفقا لوثائق وزارة الخارجية الامريكية تلك، فان المنظمة هي المسؤولة عن قتل مالايقل عن ستة من الامريكيين الذين كانوا يعملون في ايران خلال السبعينات من القرن الماضي. لذلك فان معارضة المنظمة باطلاق سراح 52 محتجز امريكي لم يكن شيئا عجيبا؛ انها كانت تريد تنفيذ الاعدام بالامريكيين المحتجزين. وكما جاء في بيان ممثل لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في البرلمان الاسترالي عام 2003م حيث اعلن ان "منظمة خلق نظمت تظاهرات اعتراض على اطلاق سراح الرهائن."
ولتراجع المنظمة عن ماضيها الذي يسبب لها الاحراج الان اخذت تدعي ان قتل المواطنين والعسكريين الامريكيين في ايران هو من عمل جناح من المنظمة انشق عنها في تلك السنوات، لكن تيمرمان يكذب هذا الادعاء ويكتب: "ان منظمة خلق قد ذكرت في منشوراتها التي كانت توزع في ايران عام 1980م بانها كانت تحتفل في حلول الذكرى السنوية لقتل الامريكان وتعد الضحايا الامريكان هم "جناة الامبريالية الامريكية في ايران".
من جهة اخرى وقبل ما يقارب الاسبوعين، كتب روبرت ماكي مقالا نشرته صحيفة نيويورك تايمس ناقش فيه دور الاصلاحيين في ازمة السفارة عام 1979م، ويذكر نتيجة تحقيقاته هكذا: "ليس هناك اي دليل يدعم مزاعم ان ابوطالبي هو من بين الافراد الذين احتلوا السفارة في وقت كانت جميع وسائل الاعلام الخبرية العالمية انذاك قد سجلت جميع المسائل بصورة جيدة".
انه هكذا يعرّف ما يسمى بمجلس المقاومة منتقدا اتهامه (اي مجلس المقاومة الوطني) الاخر لـ(ابوطالبي) – على انه المسؤول عن قتل احد اعضاء المنظمة باسم نقدي في ايطاليا حيث يذكر: انه تلك الجماعة في المنفى التي تمثل منزمة خلق جناحها العسكري والتي اخرجت من قائمة الارهاب لوزارة الخارجية بعد تشكيلهم للوبيات كلفتهم مبالغ باهضة"
القضية برمتها تدل على ان حملة التضليل لمنظمة خلق لتشويه صورة السياسيون الايرانيون ليس لها اي تأثير ما لم يتم جذب حماة اكثر من بين دعاة الحرب في امريكا.
مزدا بارسي