زمرة خلق منذ اشهر وهي تبذل قصارى جهودها وبكل امكانيتها لتشديد الفلتان الامني وجو الارهاب في العراق عبر نشر الرعب والفوضى في البلد، العمل هذا لا يخلو من سبب وهو ليس بالمرة الاولى لزمرة خلق. فقيادة زمرة خلق الارهابية وفي السنوات التي سبقت سقوط صدام قامت بمثل هذه الاعمال في ايران ايضا من اجل عدم استباب الامن وايجاد الرعب داخل الاراضي الايرانية لزعزعة الاسقرار الداخلي واضعاف ايران امام التهديدات الخارجية. اي انه بالضبط تؤمن ذلك العمل الذي يحتاجه الصهاينة بصورة مبرمة وكذلك يكون سببا في تقوية صدام حسين. بعد عدة سنوات على سقوط صدام وبداية حكومة نوري المالكي(الذي يتمتع باستقلال فكري اكثر من غيره من المرشحين الاخرين في العراق ولم يستسلم بسهولة لسياسات اسرائيل وامريكا المعادية للعراق ولذا اصبح محط غضب الصهاينة والسعودية)، ولاثبات عمالتها للسعودية واسرائيل وامريكا حاولت زمرة خلق بكل قواها السير معهم ضد المالكي اعلاميا وتوظيف امكانياتها في خلق اجواء الاضطراب والارهاب في العراق.
السنة الماضية شهدنا مجموعة اعمال عنف ومسلحة لمجموعات سنية متشددة كان لزمرة خلق دور اساسي ايضا في تشديد ودعم تلك الاعمال. بعد عدة اشهر وببدء هجمات القاعدة داخل العراق مرة اخرى تهيأت فرصة اخرى لمسعود رجوي الارهابين ليضع تجاربه وخبراته تحت تصرف هذه الجماعات الارهابية. لكن كما رأينا ان الشعب العراقي لم يدخل في مثل هذه الالعاب الدموية وبدلا من التعاون مع داعش التف حول المالكي ضد داعش ولم تنجح هذه الجماعة الارهابية في تحقيق اهدافها رغم ما قدمته لها السعودية من تمويل لجعل العراق في حالة اقتتال وفوضى كسوريا.
في هذه الظروف المضطربة، اصبحت زمرة خلق اكثر محدودية وازدادت كراهية ووصلت الى نقطة بحيث لم تعد الاجزءا من الدعاية الاعلامية وليس بيدها اي شيء. تلفزيون الحرية ؛ القناة الفضائية لمنظمة خلق وكذلك المواقع الالكترونية التابعة لهذه الزمرة لا يمر يوم دون نشر أخبار العراق الداخلية المعادية لحكومة هذا البلد القانونية. لكن اي من هذه المحاولات لم تتمكن النيل من عزم الشعب العراقي في مقارعته للارهاب او ان تحصل المنظمة على دعم منه. هذا وكانت مريم رجوي قد ادعت مرات عديدة خلال السنوات الماضية انهم يتمتعون بدعم واسناد اكثر من خمسة ملايين عراقي! ان مثل هذه الاحصائيات المزيفة ليست بقليلة في تاريخ منظمة خلق حيث قد اعلنت سابقا بان اغلب الشعب العراقي يطالب برئاسة مريم قجر عضدانلو في العراق واكثر من ذلك اعلن انه في استفتاء ان اكثر من 70% من الشعب الايراني قد صوت لمريم رجوي لرئاسة الجمهورية! طبعا في الانتخابات الايرانية الاخيريتين انكشفت جميع هذه الحيل والخدع وسبب بفضيحة سياسية وتشكيلاتة للمنظمة. رغم هذا فان منظمة خلق تسعى وباي ثمن كان الاطاحة بالمالكي (ولو بتحويل العراق الى سوريا) والمجئ بشخص قريب اليها محله.
ان افضل نموذج لرئاسة وزراء العراق بالنسبة لمنظمة خلق هو (صالح المطلك) احد الاعضاء السابقين في حزب البعث الذي اختلف مع صدام حسين في وقته. وهو يمتلك اراضي واسعة في محافظة ديالى وعلى علاقة قريبة مع منظمة خلق، بعد سقوط صدام حسين تلقى الدعم من رجوي وكمثال يمكن الاشارة الى التجمع الواسع في أشرف حيث وجهت الدعوات الى جميع روؤساء عشائر المنطقة ومنحت المنظمة في التجمع الذي حضره ممثلون عن اياد علاوي واسامة النجيفي ايضا القابا وصفاة عريضة وطويلة للمطلك وهيأت الارضية لشهرته. هذا الدعم الا محدود (مالي واعلامي) جر المطلك النزول الى الساحة السياسية في العراق ليكون منافسا للمالكي بدعم من منظمة خلق.
بعد صالح المطلك ياتي (اسامة النجيفي) هو الاخر من المرشحين الذين تدعمهم منظمة خلق، يترأس الان مجلس النواب العراقي وتردد ممثلون عنه على معسكر أشرف سابقا والتقوا بقادة المنظمة.
كما يجب ذكر (اياد علاوي) رئيس الكتلة العراقية الذي يلاقي هو الاخر دعم منظمة خلق. في السنوات السابقة كان على صلة قريبة مع منظمة خلق وتردد ممثلون عنه على معسكر أشرف. اياد علاوي كان ولفترة عضوا في حزب البعث ثم اختلف مع صدام.
قبل هذا فان (طارق الهاتمي ) هو الاخر كانت له روابط مع منظمة خلق لكن منذ سنتين ولاشتراكه في عمليات ارهابية فهو مطلوب قانونيا وتحت التعقيب حيث هرب من العراق بمساعدة بعض دول المنطقة المتخلفة. رغم مقابلته مريم رجوي في اوفر سوراواز لعدة مرات خلال هذه الفترة الا انه يعد ورقة محروقة ولم يعد له دور حاليا ومنذ البداية لم تكن لدى رجوي الرغبة بتسلمه رئاسة الوزراء. يعتقد مسعود رجوي انه وبسبب قرب علاقته بقادة الاكراد فلا يمكنه تأمين مصالح منظمة خلق حال وصوله السلطة. ما يمكن الاستفادة من هذا الشخص بالنسبة لمنظمة خلق هو الجانب الاعلامي واقصى ما يمكن هو الارتباط بالمجموعات الارهابية. لذا فان منظمة خلق تعقد الامال على افراد امثال صالح المطلك واياد علاوي واسامة النجيفي الذين يميلون للغرب او للسعودية.
ان جميع هذه الجهود التي بذلت من قبل مختلف الجماعات الارهابية بقيادة السعودية وقطر ضد الحكومة العراقية المنتخبة ومع كل العراقيل والموانع التي وضعتها التيارات المعادية بمساعدة منظمة خلق ، فان السيد المالكي وبسبب حصوله على موقع اجتماعي واسع وقربه من الشعب الايراني ، فهو يحظى بالنجاح اكثر من اي جماعة اخرى وهذا يشكل خطر كبير على منظمة خلق التي بذلت الكثير من اجل تغيير حكومة المالكي. تكثيف العمليات الارهابية خلال الاشهر الماضية في العراق هي جزء من مؤامرات السعودية شريكة الصهاينة التي لم يحالفها النجاح واخذت الانزواء.
احد اهم النقاط لدى الجماعات الارهابية للتامر على العراق وتضعيف حكومة المالكي هي محافظة الانبار. تعتبر هذه المحافظة هي احدى اهم محافظات العراق من الناحية الاستراتيجية للسعودية واسرائيل لانها تربط السعودية والاردن وسوريا معا وتعتبر موقعا جيدا للسعودية لارسال الارهابيين عن طريقها الى سوريا. وان سبب تكثيف الاعمال الارهابية في هذه المحافظة من قبل السعودية يرتبط بالقضايا الداخلية في سوريا. السعودية وبعد فشلها في سوريا سعت لعزل وفصل هذه المحافظة عن العراق والسيطرة عليها. ان تحقق مثل هذا الاجراء بصورة عملية حينها لا يمكن الوقوف بوجه التدخلات السعودية ومنعها مطلقا وستعود على العراق بنتائج وخيمة ويجر الى امكانية انفصال كردستان. ان فصل هذه المحافظة يعني مجاورة السعودية لسوريا ونتيجته اشعال نار الارهاب والابادة الجماعية في عموم منطقة الشرق الاوسط.
ان دعم منظمة خلق للسعودية في قضية الانبار لم يكن اعتباطيا. ان مسعود رجوي خطوة بعد اخرى يقترب من الانهيار فالضربات السياسية _ العسكرية والتشكيلاتية الثقيلة التي اصابت هذه الزمرة الارهابية مهلكة جدا وعرّضت حياتها للخطر بصورة كلية لذا فانه ليس لمنظمة خلق سوى طريقين لادامة حياتها وهي:
- عزل محافظة الانبار يوفر لمنظمة خلق افضل مستقبل لانه في هذه الحالة ستتمتع المنظمة بدعم من السعودية ومن الحكومة المؤقتة لهذه المحافظة المنفصلة وبامكانهم حينذاك احياء معسكر أشرف في هذه المنطقة ومن هناك يوسعون عملياتهم الارهابية في سوريا وايران وفي هذه الصورة فان جميع معادلات المنطقة تصب في صالح منظمة خلق.
- غرق العراق في الفوضى والاضطرابات وبالنتيجة اضعاف الحكومة العراقية وصرف جميع طاقاتها في حرب داخلية وبذا فان موضوع اخراج منظمة خلق الفوري من العراق سيكون موضوعا ثانويا ثم بالامكان ان تثمر بعض مطالب المنظمة. وبذلك يمكن لمنظمة خلق الاستفادة من هذه الازمة لصالحها بجعل مسائل ليبرتي شيئا ثانويا وتشتري وقتا اكثر لتثبيت نفسها في العراق.
بعمل قوي ومقتدر للحكومة العراقية فشلت النقطة الاولى ولم يكتب لها النجاح (رغم عدم انتهاء المؤامرات) ، لكن حصول الكثير من الفوضى والاضطرابات مكن زمرة رجوي التخلص من الضغوط المسلطة لخروجها العاجل من العراق ومنحتها الفرصة للتنفس لتتمكن من اجتياز الانتخابات المقبلة وتوفر فرصة لدعاية اعلامية واسعة ضد المالكي.
يجب عدم التغافل انه رغم ما حدثت من مشاكل للحكومة العراقية (التي صرفت الحكومة عليها طاقات هائلة وراح ضحيتها الكثير من الجنود العراقيين شهداء في طريق التصدي للارهاب) فانه في نفس الوقت لاقت منظمة خلق والسعودية مشكلات عويصة لم تنتهى بعد. لقد رأينا التقارب بين شيوخ وعشائر المنطقة مع حكومة نوري المالكي في هذه القضايا وهذا يعود بالضرر لمنظمة خلق التي بذلت جهودا خلال اشهر من اجل فصل وعزل اهالي هذه المناطق عن الحكومة وكلفتهم اموالا طائلة. الشعب العراقي الذي رأى ما يجري في سوريا من اراقة دماء وتضررها من الارهاب ، لم يعطي الفرصة للجماعات الارهابية والسعودية ان ينفذوا سياساتهم ببساطة ويجروا العراق الى الفوضى والدمار كما جرى في سوريا. التفاف الشعب حول حكومته كان ضربة موجعة لسياسات زمرة رجوي والسعودية والجماعات المتشددة داخل العراق.
الان يجب النظر الى العشرة الايام القادمة حيث اجراء الانتخابات في العراق ويجب النظر هل ان الجماعات الارهابية المدعومة من السعودية واسرائيل بامكانها ان تؤجل الانتخابات او جرها للفوضى والاضطرابات ام لا؟ هذه الانتخابات يمكن ان تكون نقطة عطف اخرى في تاريخ منظمة خلق والى حد كبير ستقضي على مستقبلها في العراق.