تنشغل منظمة مقاتلي خلق هذه الايام بالاستعداد لعقد اجتماعها السنوي في 21 حزيران الجاري وانفاق الاف الدولارات عليه. الاجتماع هو ذكرى واحتفال لانقلابهم الفاشل في عام 1981. منظمة خلق هذه السنة وكالسنوات السابقة ستسأجر عدد من المتحدثين وكذلك عدد من المستمعين وجمعهم في الصالة كرنفال استعراضي سنوي لم يقنع احدا لحد الان ولن يتمكن من ذلك مستقبلا.
منظمة خلق منذ سنوات تنشغل للاحتفاظ على ماتبقى من افراد عن طريق الحملات الدعائية الجوفاء التي هي استنساخ لاوامر وطريقة عمل اسيادهم الاسرائليين والمحافظين الجدد. خلال السنوات السابقة وارضاء لحماتها الغربيين التحقت بصدام حسين بعنوان جيشه الخاص وبعده تدعم وتساند بقايا الصداميين والارهابيين الاخرين في العراق. الوثائق التي حصل عليها عن طريق غرات بورتر التي نشرها في كتابه الجديد "الازمات المصنعة" تشير الى انهم يمثلون جزءا من السيناريو الكاذب لاسرائيل ومن الناحية العملية هم "ابواق اسرائيل والمحافظين الجدد" يقرعون طبل (اقصفوا ايران). اليوم وبعد فشل جميع هذه الخطط والادوار غيروا لونهم مرة اخرى وتحولوا الى (مدافعين عن حقوق الانسان). بعد مرور 30 عاما لم تثمر الوعود الواهية لمنظمة خلق (زمرة رجوي) لاسقاط وتغيير النظام الايراني واحلال حكومة موالية للغرب بدلا عنه. حتى قد رأينا في تظاهرات مابعد انتخابات عام 2009 ان الشعب الايراني قد اظهر عدم رغبته باي ثورة اخرى او اسقاط الحكومة الحالية وخاصة باللجوء للعنف وكل ذلك ماهي الا اوهام في ذهن مسعود رجوي وخيالاته.
يجب القول ان الشعب الايراني وبنسبة عالية يفضلون حكومتهم الحالية على احتمال احلال زمرة رجوي كبديل وهو يرجح الحكومة الحالية بمشاكلها وعيوبها على زمرة خطرة مخربة يقبض عليها رجوي بمخالبه.
اما اوج فشل وتحطم منظمة خلق يمكن مشاهدته في الانتخابات الاخيرة وانتخاب روحاني رئيس للحكومة الايرانية. الانتخابات التي تبدو انها لم تغيير مسير الحركة بين ايران والبلدان الغربية بصورة اساسية ولارجعة فيها فحسب بل انها قد فاجئت الجميع حتى الجانبين (ايران والغرب) ايضا، بحيث ان سرعتها قد قذفت بمنظمة خلق من القطار الى خارجه وتسببت بان تكون المنظمة هذه الايام ادوات غير مجدية وليست ذي نفع بل وفي بعض الاحيان تكون عاملا مزاحما. منظمة خلق تفقد هذه الايام وبسرعة مواقعها الدفاعية كمعارضة ايرانية التي تحتفظ بها في اواسط دعاة الحرب.
لقد رأينا ومنذ بداية المفاوضات النووية الخريف الماضي توجه رجال الاعمال من كافة انحاء العالم نحو ايران وطبعا لم يكن جميعهم من الغرب انهم وراء اتفاقيات وتجارة. تحليل تأثيرات هذه الامواج الجديدة يمكن مشاهدتها بوضوح في مقال 28 ايار في صحيفة الواشنطن بوست، تحليل قصير ومختصر لكنه اقتصادي وواقعي. الواشنطن بوست كتبت: "للمرة الاولى منذ عقود يسافر عدد ملحوظ من رجال اعمال امريكيين الى ايران للاطلاع على الامكانيات المتوفرة ولبرمجة التعاون بين الشركات الايرانية والامريكية مستقبلا، فهناك رؤى جديدة وجيدة لاعادة فتح القنوات التجارية بين الجانبين بعد انقطاعها لفترة طويلة".
لايمكن ان يكون شيئا اكثر من هذا "سما" لمنظمة خلق. التي يتجلى دورها في ترويج الفوضى والعنف وليس "تقوية العلاقات الاقتصادية والتجارية".
منظمة خلق لم تخسر في ساحة العلاقات بين ايران والغرب فقط، نعلم ان المنظمة منذ عام 2003 وما بعد قد جعلت نفسها جزءا لايتجزأ من اذناب صدام ودعاة الحرب وموالية لاسرائيل. حاولت المنظمة ان تعيد قدرتها في العراق باستخدامها القوة والعنف وايجاد الفوضى والازمات. نحن شهدنا انتخابات جديدة في اواخر نيسان الماضي والتي انتهت ضدهم هذه المرة ايضا، انهم خسروا في العراق وللابد. ويجب القول ان منظمة خلق لم يكن لها وضعا افضل في انتخابات البرلمان الاوربي. انها قد فقدت عميليها المؤثرين ستروان ستيفنسون وآليخو فيدال كوادراس اعضاء لجنة علاقة البرلمان الاوربي مع العراق اللذان كانا يعملان بعنوان لوبي رجوي.
مؤخرا عيين رئيس الوزراء البريطاني البارونة ايما نيكلسون من ينتربون سفيرة تجارية مع العراق مهمتها العمل على زيادة حجم التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي بين بريطانيا والعراق. ومن الطبيعي ان يثير هذا الموضوع مسبقا رد فعل منظمة خلق. البارونة نيكلسون ومن القديم من اعداء الارهاب وصدام ومنظمة خلق، حيث عملت ضد صدام حسين ابان حكومته. صموئيل وستروب وفي احد البلوقات لتي تزرقها منظمة خلق حاول التشكيك في هذا التعيين ذكر (دعمها من قبل النظام الايراني).
طبعا لم يكلف نفسه قبل هذا الكلام ويسأل نفسه من اين جاءت البارونة ايما نيكلسون؟ ما هو ماضيها؟ من هي؟ وحقيقة تحركها وراء مصالح اي بلد؟ لجماعة مثل منظمة رجوي التي بني وجودها على اساس الفساد والكذب وحتى على استغلال الافراد فمن الطبيعي تتصور ان الجميع مثلها، لكن في نظر الاخرين فان مثل هذا التشكيك يعتبر شيء من السخرية هذا الاتهام السخيف يدلل على التخلف الذهني لقادة هذه المنظمة ورجوي نفسه وكذلك على عدم وجود اي اطلاع ومعرفة عن العالم الواقعي والسياسي. البارونة نيكلسون التي تنتمي لحكومة المملكة المتحدة واعتبارها في هذه الدائرة يجري في عروقها لم تتمكن من التفكير بشيء غير مصالح بريطانيا وبرهنت على هذا سابقا بحيث انه حتى سياسات الاحزاب او الجماعات السياسية داخل البلد لم ولن تتدخل بهذا القرار.
ليست هذه هي المشكلة الاساسية لرجوي واسياده وامثالهم. المشكلة الاساسية للمعارضين هي انهم يعلمون ان من شروط العلاقات الاقتصادية والتجارية هو (الثبات والامن) وهم على علم بقدرات البارونة نيكلسون وهم على خوف.
الحكومة العراقية بدورها قلقة اتجاه هذا (الثبات والامن) واخيرا فاتحت الامم المتحدة مباشرة وطالبتها الوفاء بتعهدها وفقا للاتفاق المنعقد فيما بينهما ونقل اعضاء منظمة خلق الى بلدان اخرى ليكون ثبات وامن العراق والدول المجاورة في مأمن من هذا الخطر. اجتماع مجلس الوزراء العراقي تجاوز هذا واقترح الغاء اتفاق عام 2009 بين يونامي وامريكا والحكومة العراقية بسبب التأخير غير المنطقي للامم المتحدة ومماطلتها في اجراء واجباتها. وهذا ما يسمح للقوات الامنية العراقية باغلاق مخيم ليبرتي واخراج من فيه والاكثر من هذا يسمح لها (القوات الامنية) بتقديم اعداد من منظمة خلق ممن اشترك في الجهاز القمعي لصدام حسين وارتكب الجرائم بحق الشعب العراقي الى المحاكم واجراء العدالة بحقهم حالهم حال الاخرين من عملاء صدام حسين.
فليس مستغربا ان تصاب منظمة خلق بالخوف والهلع. قادة الزمرة يرون ان اوهامهم كـ(المعارضة الرئيسية) او (البديل الوحيد) ها هي اليوم تتمثل بتساقط الافراد يوميا، افراد هاربين واعضاء متعبين عجزة لم يستجيبوا للاوامر يتساقطون امام اعينهم.
بتغير الظروف الدولية تفقد هذه الجماعة الاستهلاكية وبسرعة خصوصيتها بعنوان جماعة "دعاة حرب وتغيير النظام" والعالم في حال حركة تاركا هؤلاء ورائه. لقد اصبحت منظمة خلق ورجوي نفسه بعنوان قوة عميلة في عزلة تامة وليس هناك من مشتري. قيافة هذه الجماعة وارتدائها الزي العسكري للاستفادة منها في سناريو ضرب وتغيير النظام من ضمن تكتيكات متعددة للهجوم على ايران قبل سنوات قد وصل طريقا مسدودا.
عندما اخرجت امريكا هذه الجماعة من قائمتها للجماعات الارهابية بدأت النائبة ايليانا روس ليتينن من دعاة الحرب في امريكا والمرتبطة باللوبي الاسرائيلي الترويج لهذه الجماعة محاولة وبكل هدوء تحضيرها لمصارف اخرى. ووصل الامر بها مؤخرا لتقديم مريم رجوي كداعية لحقوق الانسان. منذ اواخر عام 2013 وبضعف امكانية اسرائيل والمحافظون الجدد في فرض عقوبات جديدة وبالنتيجة ضعف العقوبات والتهديدات بخصوص الحرب على ايران وضربها، سعت منظمة خلق ان تلائم نفسها مع الموجة الجديدة والطلبات الجديدة للمشترين المعادين لايران، اولياء نعمتها احدهم روس ليتينن من المحافظين الجدد في واشنطن والاخر رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو. المهمة الجديدة التي امليت على رجوي هي مهاجمة سجل ايران في مجال حقوق الانسان املا التأثير في عملية التفاوض.
لكن ماحدث في البرلمان الكندي من اشراك منظمة خلق في اجتماعات واوساط حقوق الانسان قد جر الى فضح اسس الاهداف المسيسة لهذه الاوساط ودليل على لا انسانية التجمع الذي حضرته منظمة خلق. مريم رجوي قد زجت الاف من اتباعها دون تدريب في حرب باسلحة بسيطة مع الجيش الايراني المدرب وسببت بقتل ما لا يقل عن 2000 منهم، وهي متهمة بنقضها لحقوق الانسان داخل المنظمة من قبل مئات من افرادها السابقين فمن المؤكد لاتصلح للشعب كداعية لحقوق الانسان ولايمكن السكوت على هذا.
تتزايد الاعتراضات هذه الايام في اسرائيل ضد سياسات نتنياهو، الكثير من سياسي تل ابيب لهم رد فعل عنيف اتجاه سياسة نتنياهو لاستخدامه منظمة خلق والارهاب في عرقلة سير المفاوضات النووية. يبدو ان العالم في حال اجتياز هذا الموضوع وان نتنياهو ومنظمة خلق وحدهم من يتمسك به.
الرؤية الاقتصادية الجديدة في الشرق الاوسط التي بدأت تترسخ اكثر يوم بعد اخر في برامج الدول الغربية تعتمد على السلام والاستقرار. عندما تحل هذه الظروف سنرى تقدما ونموا في العلاقات الاقتصادية والتجارية، والبلد الذي يمكنه فتح المزيد من العلاقات مع المجتمع الدولي سيساعد على تحسين حالة حقوق الانسان لمواطنيه. هذا بالضبط عكس الدور المخرب لمريم رجوي ومنظمة خلق واسيادهم. ان انتخاب البارونة نيكلسون بعنوان (سفيرة بريطانيا التجارية في العراق) وتعاملها مع مختلف الاوساط الحكومية وغير الحكومية في العراق لم يكون مساعد في تقدم الاهداف الاقتصادية البريطانية فحسب بل سيساعد في تحسين حالة حقوق الانسان وحقوق المواطنة في العراق ايضا.
آن خدابنده (سينغلتون)