الافراد الذين ارسلوا من مخيم ليبرتي في العراق الى البانيا يقسمون الان الى مجموعتين، المجموعة الاولى اولئك الذين بقوا ضمن اطار تشكيلات منظمة خلق والمجموعة الثانية اولئك الذين انفصلوا عن هذه الزمرة ويعيشون خارج هذا الاطار. وضع المجموعتين هو مشابه لوضع مكان الاقامة المؤقت المسمى بالـ(TIPF) ومع معسكر أشرف في العراق في السنوات الماضية.
المجموعة الاولى تتمتع بامكانيات رفاهية اكثر لكنهم يحرمون من ابسط الحريات، حيث يعيشون في اجواء مغلقة جدا وليس لديهم اي ارتباط مع خارجهم وبسرية تامة. اهم عمل يقومون به هو متابعة عقد اجتماعات العمليات الجارية والغسل بكل قوة وتشدد. يخضع هؤلاء الافراد لتلك القيود المفروضة على اسرى الذهن وبصورة منتظمة تغسل ادمغتهم.
يكون تردد هؤلاء الافراد الى الخارج من مقراتهم في حالة الضرورة بصورة مجموعة من الافراد سوية ولا يمكن للفرد التردد بفرده، التلفزيون والموبايل والانترنت بشكل عام ممنوعة على الافراد ولا يمكن لاحد استخدامها سوى كبار المسؤولين. إن اقتضت الضرورة بخروج افراد الى خارج مقراتهم فلابد من اجراء غسل الصفر صفر عند العودة.
اجراءات المراقبة والتحكم شديدة جدا وهي الحاكمة في روابط وضوابط هؤلاء الافراد. في بادئ الامر اشتروا عدة سيارات وضعت تحت تصرف المسؤولين لكن وفيما بعد بيعت جميع السيارات لانهم يخافون ان يستغل الافراد هذه السيارات من اجل الهروب. جميع الامور خاضعة للفحص والتفتيش والمتابعة الدقيقة خوفا من ان يتمكن الافراد احيانا من العثور على طريق اتصال مع خارج مقراتهم.
هؤلاء الافراد هم ذاتهم اولئك الذين عندما كانوا في مخيم ليبرتي (بالقرب من مطار بغداد) يتحسرون عند مشاهدتهم لطائرة وهي تمر من فوق رؤوسهم وفي انفسهم يقولون متى يأتي الوقت ونخرج من العراق في احدى هذه الطائرات، انهم قد خرجوا الان من العراق لكن قيود اسر المنظمة لازالت تلف ايديهم وارجلهم.
المجموعة الثانية هم طلقاء ويعيشون بدون تلك القيود التشكيلاتية الا انهم يحرمون من الامكانيات الرفاهية والمعيشية التي تتمتع بها المجموعة الاولى، انهم يعيشون في العالم الحقيقي ويمرون بكل شئ جيد وسئ حالهم حال اي انسان طليق اخر، انهم يواجهون مشاكل كثيرة لانهم قد خرجوا من العالم المجازي والمحدود الداخلي للزمرة ووطأت اقدامهم العالم الحقيقي الواسع. هؤلاء الافراد هم من يفكر ويقرر بانفسهم ولم يعد بعد زعيم الزمرة ان يتكلف ويفكر ويقرر نيابة عنهم.
يمكن التعرف على افراد هذه المجموعتين من خلال وجوههم ، المجموعة الاولى رغم وضع جميع الامكانيات تحت تصرفهم الا انه ولعدم تمتعهم بالحرية فان وجوههم كئيبة ، في نفس الوقت فان المجموعة الثانية ورغم فقدانهم ابسط الامكانيات الا انه يبدو انهم فرحين سعداء.
خلق الانسان ليعيش حرا طليقا يجب ان يعيش في القتال والحرب ايضا، الانسان خلق ليقرر مصيره بنفسه. ان الذي تعلم على تنفيذ الاوامر دون ان يفكر بها قد مسخ عن انسانيته. ينبغي على الانسان ان يأخذ العبرة من التاريخ وينتخب طريقه بنفسه.
الفارق كبير بين تغيير المكان وتغيير التفكير. الفرد الاسير فكريا سواء كان في أشرف ام في ليبرتي ام في البانيا فهو اسير. طبعا لازال هناك املا بان الظروف في البانيا مساعدة لايجاد تغير في تفكير الافراد وتقطيع قيود الاسر عنهم.
تيرانا _ 20 تموز 2014