قال الباحث والسياسي العراقي د. علي المؤمن رئيس مركز دراسات المشرق العربي في لبنان، أن الجهات السياسية التي تريد بقاء منظمة خلق الإرهابية تعمل على أن تبقى المنظمة لاعباً في العراق مكملا لتنظيم داعش ولحزب البعث ولبعض الجماعات والشخصيات المعادية للعراق الجديد.
وأضاف المؤمن في حوار ، أن "الجهات المدافعة عن منظمة خلق لها حضور قوي في العملية السياسية اليوم للأسف"، مشيراً إلى أن هذه القوى هي صاحبة الصوت العالي منذ عام 2003 وحتى الآن في حماية منظمة خلق داخل العراق والدفاع عنها، ولاتزال تعرقل كل مساعي العراق الرسمية في التخلص من عبء وجود هذه المنظمة داخل الأراضي العراقية.
قسوة منظمة خلق كانت تقتصر على شيعة العراق
وأكد الباحث والسياسي العراقي علي المؤمن أن منظمة خلق الإرهابية عملت على التجسس ضد الحركات والشخصيات الإسلامية العراقية المعارضة التي كانت تتواجد في إيران، لافتاً إلى أن قسوة المنظمة كانت تقتصر على شيعة العراق.
المؤمن قال في الحوار الموسع أن "المؤسسات الإعلامية المؤيدة للعملية السياسية في العراق رغم تعددها لم تقوم بالدور المطلوب على مستوى كشف جرائم النظام البعثي المرعبة والأجهزة المحلية والإقليمية المرتبطة به؛ ومنها منظمات عربية وإيرانية".
وأضاف المؤمن أن منظمة خلق الإرهابية كان دورها في المشاركة في قمع الانتفاضة الشعبانية عام 1991 في مختلف مدن العراق هو الدور الأبرز المعادي للشعب العراقي، وكانت قسوتها تقتصر على شيعة العراق؛ فقد تسببت في قتل الاف العراقيين الشيعة ومطاردة آلاف آخرين.
واعتبر الباحث علي المؤمن دعوات بعض الجهات السياسية العراقية في إعادة تسليح منظمة خلق الإرهابية بذريعة حماية أنفسهم، هذه الدعوات هي امتداد للدعوات التي بدء بعض الشخصيات والجماعات المرتبطة بنظام البعث والأنظمة العربية والأجهزة البريطانية والامريكية؛ باطلاقها بعد عام 2003؛ بهدف إعادة الروح في منظمة خلق لمواجهة الجمهورية الإسلامية عسكرياً وتسريب عناصرها إلى داخل إيران.
وأشار المؤمن إلى أن المطلوب من منظمة خلق هو أن تكون جزءا فاعلا من المحور العربي التركي الأسرائيلي الأمريكي المعادي لمحور المقاومة والممانعة الذي يمتد من اليمن إلى إيران إلى العراق إلى سوريا إلى لبنان.
وقال المؤمن في هذا الصدد "وأن تبقى هذه المنظمة لاعباً في العراق مكملا لتنظيم داعش ولحزب البعث ولبعض الجماعات والشخصيات المعادية للعراق الجديد والتي لها حضور قوي في العملية السياسية اليوم للأسف. وهذه القوى هي صاحبة الصوت العالي منذ عام 2003 وحتى الآن في حماية منظمة خلق داخل العراق والدفاع عنها، ولاتزال تعرقل كل مساعي العراق الرسمية في التخلص من عبء وجود هذه المنظمة داخل الأراضي العراقية.
وفيما يلي نص الحوار
: برأيك هل استطاعت المؤسسات الإعلامية في العراق بعد سقوط نظام البعث أن تظهر حجم الجرائم التي قامت بها منظمة خلق الإرهابية في البلاد؟
الباحث والسياسي العراقي علي المؤمن: لم تكن المؤسسات الاعلامية العراقية المؤيدة للعملية السياسية في العراق بعد عام 2003 من الناحية النوعية والعددية تستطيع أن تقوم بالدور المطلوب على مستوى كشف جرائم النظام البعثي المرعبة والأجهزة المحلية والإقليمية المرتبطة به؛ ومنها منظمات عربية وإيرانية. ومن هذه المنظمات منظمة مجاهدي خلق؛ التي اشتمل عملها المعادي للشعب العراقي على التجسس ضد الحركات والشخصيات الاسلامية العراقية المقيمة في ايران بعد عام 1980، ومحاولات الاغتيال التي قامت بها ضد شخصيات عراقية معارضة. وكذا دورها خلال حرب الثمان سنوات، ثم في عمليات المرصاد في كرمانشاه حيث هاجمت قطعات المجاهدين العراقيين، وعملها الجاسوسي في بغداد النجف والبصرة والسليمانية لمصلحة المخابرات العراقية.
وكان دورها في المشاركة في قمع الانتفاضة الشعبانية عام 1991 في مختلف مدن العراق هو الدور الأبرز المعادي للشعب العراقي. وكانت قسوتها تقتصر على شيعة العراق؛ فقد تسببت في قتل الاف العراقيين الشيعة ومطاردة الاف اخرين.
ولكن اعلام الحركات الاسلامية والاعلام الرسمي العراقي لم يكشف عن هذه الممارسات بل لم يستطع حتى الان كشف 30 بالمائة منها وقد كان بامكان الاعلام العراقي بعد 2003 ان يكشف عن ممارسات منظمة خلق الايرانية ضد الشعب العراقي بالتعاون مع الاجهزة الرسمية المختصة ليكون ذلك مدخلا لتقديم المنظمة وعناصرها كمجرمي حرب وجواسيس الى المحاكم العراقية والدولية.
: هناك جهات تردد يومياً دعوتها لتسليح تلك المنظمة الارهابية واعادة تأهيلها بحجة الدفاع عن نفسها، ما هي الغاية من هذه الدعوة؟
الباحث والسياسي العراقي علي المؤمن: هذه الدعوات هي امتداد للدعوات التي بدء بعض الشخصيات والجماعات المرتبطة بنظام البعث والأنظمة العربية والأجهزة البريطانية والامريكية؛ باطلاقها بعد عام 2003 ؛ بهدف إعادة الروح في منظمة خلق لمواجهة الجمهورية الاسلامية عسكريا وتسريب عناصرها الى داخل ايران؛ ردا على دعم الجمهورية الاسلامية للعملية السياسية والفصائل الاسلامية والوطنية الداخلة فيها ومناهضتها للمشروع الامريكي في العراق.
ولايزال هذا الهدف قائما؛ إذ ان المطلوب من منظمة خلق هو أن تكون جزءا فاعلا من المحور العربي التركي الإسرائيلي الأمريكي المعادي لمحور المقاومة والممانعة الذي يمتد من اليمن إلى إيران إلى العراق إلى سوريا إلى لبنان.
وأن تبقى هذه المنظمة لاعبا في العراق مكملا لتنظيم داعش ولحزب البعث ولبعض الجماعات والشخصيات المعادية للعراق الجديد والتي لها حضور قوي في العملية السياسية اليوم للأسف. وهذه القوى هي صاحبة الصوت العالي منذ عام 2003 وحتى الان في حماية منظمة خلق داخل العراق والدفاع عنها، ولاتزال تعرقل كل مساعي العراق الرسمية في التخلص من عبء وجود هذه المنظمة داخل الأراضي العراقية.
: هل منظمة خلق عندما ذهبت إلى العراق ضمن اتفاقيات رسمية أم أنها دخلت بسبب تقاربها مع البعث المجرم؟
الباحث والسياسي العراقي علي المؤمن: لقاءات أركان منظمة خلق مع النظام البعثي العراقي بدأت بعد عام 1979 مباشرة. وكانت المخابرات البعثية تستغلها لزعزعة النظام الجديد في إيران. وبعد قيام نظام البعث بشن الحرب ضد الجمهورية الإسلامية عام 1980 كانت المنظمة تقوم بدور جاسوسي خطير داخل إيران وفي جبهات الحرب. ولكن في عام 1981 وبفعل عمل مشترك بين المخابرات الفرنسية والسعودية والعراقية؛ أصبحت منظمة خلق جزءاً من الحرب العراقية الإقليمية الدولية ضد إيران، وارتبطت رسميا بثلاث أجهزة عراقية حسب الاختصاص: المخابرات والإستخبارات العسكرية وسكرتاريا رئاسة الجمهورية. وكانت تمارس التجسس على العراقيين داخل إيران وفي جبهات القتال وعلى الدولة الإيرانية وقواتها المسلحة وعلى العراقيين المعارضين في فرنسا تحديداً.
كما كانت الإستخبارات العسكرية العراقية توفر كل مستلزمات التسليح والتدريب والمعسكرات للمنظمة لتقوم بعمليات التفجير والإغتيالات داخل إيران وخارجها. وكان ذلك ضمن تفاهمات رسمية بين الأجهزة العراقية الرسمية ورئاسة المنظمة، وبإشراف المخابرات الفرنسية ودعم المخابرات السعودية وبعض أجهزة المخابرات الخليجية الأخرى والعربية.
: كيف تقيم مستقبل منظمة خلق الإرهابية في حال لم يتم إخراجها من العراق؟
الباحث والسياسي العراقي علي المؤمن: اعتقد أن وجود منظمة خلق داخل إيران بدء بالتضاؤول بعد عام 1981؛ ثم اخذ يتلاشى بعد الانكسار الكبير في عمليات المرصاد العسكرية في الشهر الاخير من الحرب البعثية ضد الجمهورية الإسلامية. وكانت الممارسات الجاسوسية والمسلحة للمنظمة ضد الشعب الإيراني والشعب العراقي هو سبب إضمحلالها داخل إيران والعراق.
وبعد عام 2003 فقدت المنظمة الحليف الأبرز لها وهو نظام صدام. واليوم فإن الوجود السياسي والعددي الرئيس للمنظمة هو في أوربا؛ وتحديداً في فرنسا. ولم يعد لها وجوداً مهما داخل إيران والعراق. وقد حاولت ولاتزال الأجهزة الرسمية المختصة في فرنسا وبريطانيا وأمريكا والسعودية وبلدان خليجية وعربية اخرى للإبقاء على المنظمة حية فاعلة؛ ولاسيما بعد الدور الجاسوسي الذي قامت به المنظمة بعد عام 2008 بالكشف عن بعض أسرار المشاريع النووية الإيرانية، والذي أعطى للمنظمة دفعة روح جديدة في أوساط أجهزة المخابرات الدولية. ولكن عموما لا أرى أن للمنظمة أي مستقبل في إيران؛ ولاسيما أن هناك إجماعا وطنيا إيرانيا؛ سواء من الشعب الإيراني أو الدولة الإيرانية أو المعارضة الإيرانية الوطنية؛ داخل إيران أو خارجها؛ برفض التعامل مع المنظمة؛ بسبب ممارساتها الجاسوسية وما قامت من أعمال عدائية مسلحة.
وربما بات من الضروري تشجيع عناصر المنظمة في العراق للعودة الى ايران؛ بعد اخذ الضمانات من الأجهزة الايرانية المختصة بالتعامل وفق روح القانون وليس القانون؛ اي على اساس روح العفو والتسامح الاسلامية