أذا استطعنا إنجاز ربط تسلسلي، لتاريخ منظمة خلق بواقعها من جهة, وبالظروف التي أحاطت باستمرار وجودها من جهة أخرى، وإذا توفقنا الى فهم للإنقلاب الكبير بالمواقف، الذي اتخذته الإدارة الأمريكية ودول أوربية، من اعتبار منظمة خلق كتنظيم إرهابي الى رفع هذه الصفة عنه، سندرك بقليل من التمعن، أن ثمة أدوار خفية ستلعبها هذه المنظمة، وتنظيمات أخرى في مستقبل النظام العالمي
وبإسقاط هذه الفهم على حالات أخرى مشابهة، لن يكون مستغربا البتة، أن يأتي يوم تعتبر فيه التنظيمات ألإرهابية المتطرفة، كالقاعدة وداعش وطالبان وبوكو حرام، تنظيمات مقبولة وخاضعة لمقاييس الغرب المتمدن.
عناصر هذا المشهد بدأت بالتشكل، بلحاظ الدور المتنامي لقطر، كمحفظة نقود للدفع في النظام العالمي الجديد، وفي واقع الأمر أن قطر والسعودية، هما الراعيين الرسميين لكل منظمات التطرف.. هذا التصور الواقعي؛ الذي يستلهم المستقبل المنظور وليس البعيد، سيساعدنا على القيام برسم ملامح المشهد القادم في المنطقة والعراق، سيما أن بين أيادينا عديد من المعطيات على أرض الواقع.. أول هذه الملامح؛ هو أنه وبالرغم من التاريخ الأسود لمنظمة خلق مع العراقيين، فإن بقاء عناصر هذه المنظمة على أرض العراق، ئلاث عشر سنة بأكملها، بعد التغيير الكبير الذي أزاح النظام الصدامي، الذي دعمها ووفر لها أسباب الوجود و البنية التحتية الداعمة لها، يثير سيلا من الأسئلة التي سيجمعها لاحقا السؤال الكبير:
لماذا وماذا بعد؟! وبلحاظ أن لمنظمة خلق؛ وجودا مماثلا في الغرب، لا سيما في فرنسا، سندرك بقليل من الجهد، أن ثمة إرتباط بين وجودها هنا ووجودها هناك، وأن ثمة ربط أيضا بين الحاضنتين العراقية والغربية، وسنكتشف أن منظمة خلق كانت في زمن صدام، لاعبا لمصلحة أطراف تدعي التناقض الظاهر، بينما يجمعها جامع خفي، هو ما نحن بصدده في هذه المقاربة… لاشك أن أسباب حياة منظمة خلق، قد انتهت منذ أمد بعيد، ربما منذ اليوم ألأول لانتصار الثورة الإسلامية في إيران، على يد قائدها الإمام الراحل الخميني "قد"، فالمنظمة التي تشكلت لمقارعة نظام الشاه، كما تقول أدبيات تأسيسها، أنتقلت بأهدافها الى مقارعة نقيض هذا النظام! وهي مفارقة تستدعي التأمل، ولنربط هذا السؤال بالسؤال الأكبر الذي أشرنا إليه: لماذا وماذا بعد؟! هذا يعني ببساطة شديدة، أن ثمة أهداف خفية وأدوار احتياطية للمنظمة، رسمها لها من أسسها، بل ويكشف بذات البساطة، أن المنظمة لم تتشكل من رحم الشعب الإيراني ومعاناته، بقدر ما تشكلت كأداة تأثير، في مقدرات هذا الشعب ومستقبله، وأنتقلت في أطوار لاحقة، الى التأثير في المنطقة عموما.
ربما سنكتشف أن لعناصر المنظمة، علاقة ما بعمليات تأثير في مناطق مختلفة من العالم، وأن أحداثا جرت هنا وهناك، كانت المنظمة فيها وسيلة وأداة… كلام قبل السلام: عادة ما تكون الأسئلة أهم من الأجوبة،إذ أن كل جواب سوف يصبح سؤالا جديدا! سلام..
قاسم العجرش