تشكلت منظمة مجاهدي خلق في العراق في ظروف سياسية معقدة بعد اندلاع الحرب بين العراق والجارة المسلمة ايران، وبتمويل عراقي واجنبي وحظيت باهتمام الدول المعادية لجمهورية ايران الأسلامية وخاصة فرنسا التي فتحت
لها مكاتب عديدة في فرنسا وغيرها من الدول الغربية، وكانت تعتبر يداً ضاربة مساندة لنظام صدام المقبور وجهازاً فعالاً من أجهزته القمعية حيث كان ارتباطها المباشر بجهاز الامن الخاص والمخابرات اللتين كانتا تداران من قبل صدام نفسه. وقد خصصت لها وسائل اعلام مرئية تبث على مدار السنة. ولقد سقط النظام الصنمي وذهب الى غير رجعة، الا ان هذه المنظمة بقيت على الساحة العراقية، وهنا تفرض عدة اسئلة نفسها على المتتبع للاحداث: اولها: ان أميركا وبعد سقوط النظام قد صنفت هذه المنظمة في ضمن المنظمات الارهابية وقد اذاعت ذلك على الملأ ومثبت ذلك في كل وسائلها الاعلامية. ثانيها: ان هذه المنظمة كانت وما زالت تعادي الجمهورية الاسلامية ولقد قامت بالكثير من العمليات داخل الاراضي الايرانية وقامت باغتيال شخصيات قيادية ايرانية منها وزير الدفاع الايراني صياد شيرازي. ثالثاً: كانت هذه المنظمة من الأجهزة الفعالة في يد النظام السابق وقد ثبت اشتراكها في عمليات الانفال ضد شعبنا الكردي واياديها ملطخة بدماء شعبنا. رابعاً: ان هذه المنظمة تحظى الان بحماية واسناد من قبل أميركا وقد نشرت وسائل الاعلام ان أميركا بصدد استقدام جنود بلغار لحماية معسكر مجاهدي خلق في منطقة ديالى. كل هذه التساؤلات تثير الشك والحيرة حول علاقة هذه المنظمة العسكرية وسر بقائها والاهتمام بها. فاذا كانت هذه المنظمة مؤطرة ضمن المنظمات الارهابية ونحن والجميع يعلم ان اميركا والغرب يشنان حرباً شعواء ضد الارهاب فلماذا استثنيت هذه المنظمة من الحل والتذويب؟ والحقيقة ان هذه المنظمة تشكل عبئاً على العراق، لانها منظمة عسكرية مهيكلة فوق ارضه بصورة قسرية ونأمل من الحكومة ان تجد حلاً جذرياً لان اعمال هذه المنظمة وتواجدها غير المبرر لا سيما اننا نتطلع الى علاقات حسن جوار مع كل الدول المحيطة بالعراق ومد جسور التعاون والمصالح المشتركة ووجود مثل هذه المنظمة يشكل نقطة شك وريبة في بناء علاقات متينة مع الجارة ايران وغيرها من الدول كما ان الاهتمام بهذه المنظمة من قبل أميركا الدولة المحتلة للعراق، يشكل ايضاً هاجساً لدى المواطن العراقي الذي يريد العيش بسلام بعد ان ملّ الحروب التي احرقت الحرث والنسل، وتجعله يفكر ملياً بسر هذا الاهتمام، فهل وجدت اميركا المحتلة للعراق وبهذه المنظمة ورقة رابحة تختزنها ليوم محدد، وتدخل ضمن مخططاتها الستراتيجية في المنطقة لا سيما ان أميركا لا تستبعد خيار التدخل العسكري في ايران، ان هي اصرت على تطوير برنامجها النووي او بحدوث اي تقاطع مع مصالحها في المنطقة لتلعب هذه المنظمة العسكرية دوراً استخبارياً مهماً لمساعدة الجهد العسكري او ان علاقة هذه المنظمة بدول اوروبية لها ثقلها في العراق المؤثر على أميركا وفق دهاليز المصالح المتبادلة في المنطقة او في التنازل مقابل تنازل من الدول الداخلة في اللعبة الدائرة في منطقة الشرق الاوسط. ان منظمة مجاهدي خلق الارهابية جسم مرضي مزروع في ارض العراق يشكل نقطة قلق وتوتر، ويضيف الى اعبائنا عبئاً اخر وبشكل بؤرة مجهولة الاهداف والنوايا قد تسبب الاماً لهذا الشعب في المستقبل، وهو الذي كابد على مدى اكثر من ثلاثة عقود وما يزال اقسى انواع الالام والتعسف والظلم. اذا كانت هذه المنظمة تدخل في سباقات وحسابات سياسية تدورعجلاتها خلف كواليس الدول الكبرى،او متكونة من المدخرات اللوجستية لاجندة تعد في مطابخ الدول المهتمة بثروات المنطقة ومصادر الطاقة التي حباها الله لهذه الارض المباركة. واخيراً الى متى سيبقى العراق ساحة تلعب فوقه الدول الكبرى، او مختبراً للتجارب السياسية؟
جريدة الصباح