أثار لقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، مؤخرًا في باريس، بزعيمة زمره خلق الإيرانية الإرهابية مريم رجوي، استهجان واستغراب ساسة ومحللين.
وبحسب مصادر فلسطينية مطلعة، فإن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، معنيٌ بإثارة خلاف مع إيران في هذه المرحلة، لضمان رضا السعودية عليه، كي يضمن بقاءه في منصبه مدةً أطول بعد التقارير الإسرائيلية، التي تصاعدت وتحدثت عن كونه انتهى سياسيًا
واستعرضت الصحافة الإسرائيلية مؤخرًا بدائل لخلافة عباس في منصبه، ما حدا بالأخير للحرص على خطوات لتقديم الولاء للسعودية، ومن خلالها "إسرائيل"، ليضمن بقاءه في السلطة مدةً أطول، طبقًا للمصادر ذاتها.
ضد مبادئ "فتح"
وكشفت هذه المصادر لمراسل وكالة أنباء فارس عن دعوة أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح، لاجتماع طارئ صباح اليوم الاثنين (1/8)، على ضوء تصريحات مستشار وزير الخارجية الإيراني حسين شيخ الإسلام، التي أكد فيها بأن "عباس عميل لـ"سي. آي. إيه" منذ زمن بعيد – كما كشفت وثائق السفارة الأميركية في طهران- وتصرفاته على مدى العقود اللاحقة أثبتت ذلك".
وعودة إلى لقاء عباس برجوي، علّق قيادي رفيع في حركة فتح قائلًا: "استهجن واستغرب موجبات اللقاء، وفي حال عودة أبو مازن من جولته الخارجية يجب على اللجنة المركزية للحركة أن تُسائله عن الأسباب، التي دعته لهذا اللقاء".
وشدد القيادي – رفض كشف هويته – على أن "اللقاء لا يصب في مصلحة القضية الفلسطينية، وأنه ضد مبادئنا في حركة فتح، والتي تدعو لعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ثم إن أبا مازن نفسه قام بإدانة الانقلابيين في تركيا، ولا نقبل انقلابيين على إيران".
وجاء اللقاء بعد مشاركة وفد من حركة فتح برئاسة خليل اللحام – أرسله رئيس كتلة الحركة البرلمانية عزام الأحمد – في الاجتماع السنوي لزمرة خلق الإرهابية، بباريس، في التاسع من يوليو/ تموز المنصرم، بحضور الرئيس الأسبق لجهاز المخابرات السعودية تركي الفيصل، ورئيس الكونغرس الأمريكي الأسبق نيوت غينغريتش.
غياب الرشد والرؤية
ونفى القيادي الفتحاوي أن تكون اللجنة المركزية للحركة على دراية بتشكل ومشاركة الوفد الذي مثّل "فتح" في المؤتمر – سالف الذكر-، موضحًا أنه تفاجأ كغيره من القيادات لاحقًا بالأمر عبر وسائل الإعلام. واعتبر أن إيفاد الوفد يكشف عن غياب الرشد والرؤية، لدى من كلّفه بالمشاركة.
ونوه قائلًا: "ليس بمقدورنا الآن في ظل أوضاعنا السيئة جدًا، وفي ظل أن "إسرائيل" توجه الضربة تلو الأخرى لنا، أن نفتعل معركةً على طريقة العرب، أو أن نفتعل صراعًا جديدًا، إرضاءً لهذه الجهة أو تلك"، في غمزٍ واضح للسعودية، التي يتحالف معها عباس ضد إيران.
وفي سؤاله عمّا إذا كان يقصد في كلامه الاصطفاف مع السعودية، أجاب القيادي نفسه: "أية تحالفات في المنطقة لا تأخذ الارهاب الاسرائيلي هدفًا أو لا تشير بوصلتها نحو القدس، نضع علامة سؤال عليها".
ومضى يقول: "هناك محور تشكل في المنطقة أقرّت بقوته العدو الأول، الولايات المتحدة على أساس مفاوضات واتفاق (5+1)، ومن غير المقبول أن يدخل الفلسطيني في هذا الصراع معه، تحت أي ظرف، وأيًا كانت الأسباب والدواعي"، في إشارةٍ ضمنية منه لمحور المقاومة والممانعة الذي تتزعمه وتدعمه الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
لقاءٌ ضار
بدوره، أعرب عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين طلال أبو ظريفة، عن رفضه لأية اصطفافات إقليمية، لا تعتبر القضية الفلسطينية، قضيةً مركزية للأمة.
ونوه أبو ظريفة إلى أن الشعب الفلسطيني في مرحلة تحرر وطني، وتحتاج لدعم الكل الإسلامي، فما بالك بالدول التي لها دور فاعل وإيجابي في دعم مقاومتنا وصمودنا على أرضنا، كالجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وبيّن أن هذا اللقاء لا يصب في مصلحة القضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أننا جربنا هكذا مواقف تم الانحياز فيها لطرف دون الآخر، ودفعنا مقابل ذلك ثمنًا كبيرًا.
وأعرب أبو ظريفة عن أمله بأن يتم الالتزام بقرار الإجماع الوطني، النأي بالنفس عن الدخول في أي تباينات أو صراعات مع الدول، منتقدًا حالة التفرد بالقرار.
وشدد على أن شراكة الدم، تحتم إشراكهم في القرار السياسي، لا التفرد فيه، أو الاستحواذ به، أو مصادرته.
نتاج لزيارة عشقي
من جانبه، دان مسؤول طلائع حرب التحرير الشعبية قوات الصاعقة في الأراضي الفلسطينية المحتلة محيي الدين أبو دقة، اللقاء، الذي اعتبره نتاجًا لزيارة الجنرال السعودي أنور عشقي، الأخيرة لكيان الاحتلال الإسرائيلي.
وقال أبو دقة :" ندين ونستنكر هذا اللقاء، وكان من الأفضل ألا يلتقي السيد عباس بزعيمة هذه الجماعة الإرهابية، التي تقف ضد قضايا الشعب الفلسطيني، وضد الموقف المساند والمؤيد والداعم للقضية الفلسطينية من قبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية".
وأكد أن عباس لا يمثل إلا طرفًا واحدًا من اتجاهات سياسية فلسطينية عديدة، مشيرًا إلى أن هذا اللقاء يندرج ضمن مخططات صهيو- أميركية من أجل إضعاف القضية والشعب والمقاومة الفلسطينية، وتقوية "إسرائيل".
تدخل مسيء
أما الكاتب والمحلل السياسي حسن عبدو، فرأى أن عباس كان في الماضي يتبنى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وكان يلوم حركة حماس، ويتهمها بأنها تتدخل القضايا الإقليمية، وهو يتبنى سياسة النأي بالنفس.
وأشار إلى أنه في هذه المرحلة يتدخل في القضايا الإقليمية بشكل يسيء للقضية الفلسطينية، وخلافًا لما كان يقوله دائمًا ويلوم به الآخرين.
وأعرب عبدو عن استغرابه من تغيير عباس لموقفه إزاء إيران تمامًا، وهو الذي فوّض في شهر آب/أغسطس العام الماضي، أي قبل ما يقل عن عام، عضو اللجنة التنفيذية لزمره التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني، بمسؤولية ملف التواصل والعلاقة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وقام الأخير بزيارة طهران، ونقل لها حرص قيادته على توثيق العلاقة معها، فما الذي تغيّر فجأة؟!، يتساءل باستغراب.
ويجزم بأن "الذي تغيّر هو إعلان عباس اصطفافه مع السعودية ضد إيران، وهو موقف خاطئ، وغير مقبول، ويخرج عن حالة الإجماع الوطني الفلسطيني".
سياسة غير مفهومة!
وتساءل الكاتب والمحلل السياسي الدكتور وليد القططي، عن المصلحة التي تحققت لفلسطين – الشعب والقضية والمقاومة – من اللقاء؟!.
ولفت إلى أن "السياسة الخارجية للسلطة الفلسطينية تُبنى على أسس أصبحنا لا نفهمها كغيرها من الأفعال والأقوال العديدة مؤخرًا، للمسؤولين الرسميين, وربما هي من أسرار الأمن القومي العُليا التي لا يعرفها إلا الرئيس، وتُحجب عن غيره حتى أقرب المقربين إليه"، كما قال مستغربًا