علي مدار سنوات تواجد " مسعود رجوي " في العراق , كان يتعاون بشكل كامل مع جهاز المخابرات العراقي. و بعد سقوط صدام حسين , و في خضم وقوع الكثير من المستندات السرية في أيدي أبناء الشعب , تم الحصول من بينها علي مقاطع فيديو حول لقاءات " مسعود رجوي " المتكررة مع مسؤولي الجهاز الأمني العراقي رفيعي المستوي. هذه المقاطع التي كان قد تم تسجيلها بشكل سري و بالخفاء علي يد جهاز الأمن العراقي بغية استخدامها في الوقت المناسب مستقبلا , و تم لاحقا عرض مقتطفات تلك المقاطع و بثها عبر شبكات التلفزة العالمية , كما تم أيضا نشر النصوص الكاملة لمفاوضات " مسعود رجوي " مع المسؤولين الأمنيين في نظام " صدام حسين " و أشخاص آخرين , تم نشرها في أوروبا علي شكل كتاب. ( يمكن تحميل المستندات الكاملة لهذه الاتصالات عن طريق الشبكة العنكبوتية للمعلومات " انترنت " و المعنونة حاليا تحت اسم " گرگ ها " أو " الذئاب
و علي طول سنين الحرب , كان مجاهدو خلق يقدمون للمسؤولين العراقيين أية معلومة كانوا يتمكنون من الحصول عليها حول الحالة العسكرية لإيران. و كانوا يقومن باغتيال أشخاص بسيجيين عاديين من عامة الشعب كالتجار الصغار و الحرفيين الذين كانوا يقاتلون علي الجبهة و من ثم كانوا قد اعتزلوا القتال و عادوا ليمارسون حياتهم الطبيعية في محلاتهم و دكاكينهم و أماكن كسبهم , فقد كان مجاهدو خلق يقومون باغتيال هؤلاء و يذهبون إلي بغداد يدعون أمام المسؤولين العراقيين أنهم قاموا بقتل أحد القادة العسكريين الميدانيين الإيرانيين , حتي يتمكنون بهذه الجرائم و الخيانات أن يحصلوا علي النقود و الدعم من صدام حسين
و في عام 1377 هجري شمسي إيراني , و الموافق لعام 1998 ميلادي شمسي , بدأت موجة جديدة من عمليات التخريب و الاغتيال علي يد زمره مجاهدي خلق مرة أخري تنفيذا لأوامر " صدام حسين " , طامعين باستغلال الأوضاع السياسية المتوترة داخل البلاد لصالحهم.
ففي 12 من شهر " خرداد " من العام 1377 هجري شمسي إيراني , و الموافق ليوم الثلاثاء 2 من شهر " حزيران " من عام 1998 ميلادي شمسي , تم تنفيذ عمليات تفخيخ و إطلاق قذائف في ثلاث نقاط في مدينة طهران , تحت اسم : " بداية المقاومة الثورية المسلحة ". و في اليوم الأول من شهر " شهريور " من العام 1377 هجري شمسي إيراني , و الموافق ليوم الأحد 23 من شهر " آب " من عام 1998 ميلادي شمسي , استشهد " سيد أسد الله لاجوردي " , النائب العام الأسبق لمحاكم الثورة , و الرئيس السابق لزمره مصلحة السجون , علي يد عنصرين مرسلين من قبل زمره مجاهدي خلق , و ذلك عندما كان منشغلا بعمله في سوق طهران منفردا دون وجود عناصر حراسته الشخصية بجانبه. هذا الشخص كان قد سجن عدة مرات في أيام الكفاح ضد الكيان البهلوي , و كانت المرة الأخيرة في عام 1353 هجري شمسي إيراني , و الموافق لعام 1974 ميلادي شمسي , و عندها تم الحكم عليه بثماني عشرة سنة من السجن.
ففي 21 من شهر " فروردين " من العام 1378 هجري شمسي إيراني , و الموافق ليوم السبت في 10 من شهر " نيسان " من عام 1999 ميلادي شمسي أيضا , استشهد اللواء " صياد شيرازي " بعملية إرهابية أخري , عندما كان متجها إلي عمله و حيدا و بدون حراسة شخصية. و كان هذا الرجل علي مدي سنوات الحرب المفروضة يقدم خدمات جمة و يظهر رشدا و شجاعة قل نظيرها , و تم اصدار أمر اغتياله من قبل كيان صدام حسين. و ما يجب ذكره و التذكير به أن هذه الزمره حتي الآن قتلت 12000 شخص من أفراد الشعب الإيراني , من النساء و الرجال , و العجزة و الشباب , و الأطفال و اليافعين , و أدت لاستشهادهم كلهم.
و بعد حرب الخليج الأولي , شارك أعضاء زمره مجاهدي خلق بشكل فاعل في قمع الثورة الشعبية في جنوب العراق , كما شاركوا أيضا في قمع الشعب الكردي. و كانوا يعملون هناك بمثابة قوات خاصة تابعة لصدام حسين. و قد تعاملوا مع الشيعة و الأكراد في هذه العمليات بطريقة قاسية و وحشية و فظيعة , و كانت وحشيتهم هذه منقطعة النظير إلي حد أن الشعب العراقي بعدها و أعم من الشيعة و الأكراد , قد تمكنوا من نسيان الجيش العراقي و جهاز المخابرات العراقي و لكنهم لم يتمكنوا من نسيان مجاهدي خلق , و ما زالوا يحملون لهم في قلوبهم حقدا دفينا و شديدا لا يمكن نسيانه أبدا.
و بعد الحملة الأمريكية علي العراق , معسكر أشرف و الذي كان مقر قوي زمره مجاهدي خلق العسكرية آنذاك , أصبح واقعا تحت حماية و حراسة مكثفة و قوية من قبل القوات الأمريكية. و علاوة علي ذلك كله أصبح الكادر الأصلي للزمره أيضا واقعا تحت الحماية العسكرية و الأمنية و السياسية و الدعم اللوجستي المباشر للولايات المتحدة الأمريكية.
و أصبحت زمره مجاهدي خلق في العراق بشكل رسمي تحت حماية الجيش الأمريكي , و أصبحت قوات الزمره تقوم بتأمين الخدمات اللازمة للقوات الأمريكية بحكم إتقانها للغلة الفارسية و معرفتها و إلمامها بثقافة الشعب المسلم و شيعة العراق.
أما و بعد عقدين من الارتباط العميق و التنسيق الكامل بين كيان صدام حسين , و زمره " مسعود رجوي " , فلم يعد الآن بالإمكان تصور إمكانية وجود حياة مستقلة لهذه الزمره المتشرزمة و المنهارة.
و أيا كانت بقايا هذه الزمره تعمل بشكل مؤقت لصالح الجيش الأمريكي أو لصالح قواته الأمنية , فهذا لا يعني أنه ما يزال هناك تواجد حقيقي لزمره مجاهدي خلق في الخارج. و إن التواجد الافتراضي و الوهمي لاسم هذه الزمره و الظهور الإعلامي المتقطع بين الفينة و الأخري بغية استعمالها كأداة ضد الدولة الإيرانية , فهذا أيضا لا يمكنه أن يغير تلك الحقيقة آنفة الذكر.
زمره مجاهدي خلق , و صلت إلي نهايتها التاريخية , و لكنها تركت خلفا إرثا كبيرا من الألم و العذاب و الدم و العبرة لتاريخ إيران المعاصر