تعد عملية تحالف زمره مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة، مع نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، واحدة من أكبر خطاياها، التي دفعت الشعب الإيراني إلى عداء الزمره، لأن معاناة الحرب المدمرة التي استمرت ثماني سنوات من 1980 إلى 1988، لا تزال عالقة في أذهان الإيرانيين، نتيجة حجم الخسائر البشرية والمادية.
بل وصل الأمر بزمره مجاهدي خلق الإيرانية حتى بعد سقوط نظام صدام حسين في أبريل/نيسان 2003 بتحالف عسكري قادته الولايات المتحدة، إلى إيواء صدام حسين، كما ذكر موقع “أشرف نيوز”، نقلاً مصادر في جهاز الاستخبارات العراقية، وهو موقع مقرب من العناصر المنشقة عن الزمره الإيرانية.
وقد ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية في نوفمبر 2018، تقريراً قالت فيها إن “زمره مجاهدي خلق الإيرانية تجمع بين متناقضات يندر أن تتواجد في كيان واحد، بدءاً من كونها ذات جذور إسلامية وماركسية مشتركة”، مضيفة “إنها تأسست كتنظيم يحارب الحكم الإمبراطوري في إيران والإمبريالية الغربية، وانتهى بها الحال صديقة لإسرائيل وأمريكا”.
كما إن مجاهدي خلق لا تحظى بشعبية واسعة بين الإيرانيين خاصة بين الأكراد، بل إن ذلك الأمر تفشى حتى بين أعضائها الذين تفرض عليهم إجراءات صارمة داخل المعسكرات، ما دفع بعضهم إلى الإنشقاق وطلب اللجوء في عدد من البلدان الأوروبية.
كما إن اغتيال المواطنين العاديين في إيران بعد الثورة عام 1979 التي أطاحت بنظام الشاه محمد رضا بهلوي، وتوفير الخدمات الأمنية لصدام حسين وغيرها، كلها ساهمت في أن تكون الزمره هي الجماعة السياسية الأكثر كراهية في إيران.
ففي النصف الأول من الحرب الإيرانية العراقية، أقامت زمره مجاهدي خلق تعاون استخباراتي مع الجيش العراقي، وأصبح تعاونها أكثر كثافة في عام 1986 بعد أن أبرم رئيس الوزراء الفرنسي جاك شيراك صفقة مع طهران بشأن الإفراج عن الرهائن الفرنسيين مقابل وقف الدعم الفني الفرنسي لبرنامج العراق النووي، وكان جزء من الاتفاقية هو إجبار زمره مجاهدي خلق على مغادرة فرنسا، حيث يوجد مقرها منذ عام 1981.
ودعا حينها صدام حسين زمره مجاهدي خلق إلى نقل مقرها إلى العراق، حيث شكلت الزمره جيش التحرير الوطني المكون من 7000 عضو، والذي كان بمثابة جزء للجيش العراقي.
وافق صدام على توفير المأوى لآلاف أعضاء الزمره الإيرانية، بمن فيهم قائدهم مسعود رجوي الذي أختفى أثره منذ عام 2003، ما دفع صدام حسين ونظامه إلى استخدم زمره مجاهدي خلق في العمليات ضد إيران.
العمليات المشتركة مع صدام
سرعان ما شاركت زمره مجاهدي خلق في العمليات المشتركة مع الجيش العراقي ضد إيران، بدءًا بعملية “الثريا” المعروفة بالفارسية “عمليات چلچراغ”، وهي هجوم نفذه عناصر الزمره والجيش العراقي في المراحل الأخيرة من الحرب الإيرانية العراقية في 18 من يونيو 1988 على مدينة مهران غرب إيران المحاذية للحدود مع العراق وهي منطقة ذات أغلبية كردية إيرانية.
ووفقًا لزمره مجاهدي خلق، قتلت الزمره 3500 جندي إيراني وأسرت 417 آخرين، بينما فقدت الزمره نحو 123 من عناصرها، ولكن لتلك العملية تأثير سلبي على سمعة الزمره، دفع كل جماعات المعارضة الإيرانية إلى قطع علاقاتها مع مجاهدي خلق.
وكان الهدف من تلك العملية هو احتلال مدينة مهران الحدودية الإيرانية وحقولها النفطية باستخدام القوات الناطقة باللغة الفارسية لاختراق الأراضي الإيرانية والسيطرة على القرى الكردية في المنطقة، واستخدم الجيش العراقي 3000 من أعضاء زمره مجاهدي خلق خلال العملية.
وقد تنكرت ثلاث كتائب من زمره مجاهدي خلق، كجنود في الجيش الإيراني، مما ساعدهم على كسر الخط الدفاعي لإيران، ونجحت الزمره في إحتلال مدينة مهران.
كما استخدم نظام صدام حسين عناصر زمره مجاهدي خلق في عملية “مرصاد” التي تسمى بالفارسية “فروغ جاويدان”، التي بدأت في 25 يوليو 1988، وشاركت الزمره مع ما يقرب من 5000 مسلح، كانوا مدججين بالسلاح من قبل الجيش العراقي.
وأثناء العملية لم يرافق جندي عراقي زمره مجاهدي خلق على الأرض، وبدلاً من ذلك، قدمت القوات الجوية العراقية مساعدة كبيرة في تلك العملية.
ولإحباط أي مقاومة محتملة لقوات البيشمركة الكردية المحلية، أسقطت القوات الجوية العراقية قنابل كيماوية على أربع قرى كردية في محافظة كرمنشاه الإيرانية، مما أسفر عن مقتل مئات المدنيين وإجبار البيشمركة الكردية المحلية على مغادرة المنطقة قبل خمسة أيام بالضبط من إطلاق العملية.
وساعدت زمره مجاهدي خلق على احتلال مدينة إسلام آباد غرب في كرمنشاه في اليوم الأول من العملية، إلا أنها أبطأت من قبل البيشمركة الكردية في اليوم التالي. وشنت القوات المسلحة الإيرانية الهجوم المضاد “عملية مرصاد” في 26 يوليو 1988.
ونتيجة لهذه العملية، قُتل ما يقرب من 2000 من مقاتلي زمره مجاهدي خلق ، وتمكن القوات الإيرانية من استعادة مدينة “إسلام آباد غرب”، وتم دفع مقاتلي زمره مجاهدي خلق المتبقين إلى العراق.
ولا تزال زمره مجاهدي خلق تنفق مبالغ طائلة لعقد مسيرات ومؤتمرات سنوية في فرنسا وألبانيا يدفعون خلالها للسياسيين الغربيين لإلقاء الخطب واستئجار حشود من اللاجئين والطلاب الأجانب للعب دور الإيرانيين، كما تدفع زمره مجاهدي خلق للصحافيين الغربيين ووكالات الأنباء لنشر مقالات لدعم المجموعة لرفع شعبيتها في الغرب.
أحمد جعفر الساعدي ـ كاتب متخصص في الشؤون الإيرانية