عمليات الكربلاء الرابعة وخیانة مجاهدي خلق الکبری

“كربلاء 4” كان عنوانا لهجوم الجمهورية الإسلامية الإيرانية ضد النظام البعثي في الحرب المفروضة وقد وقع في تاريخ 26 دسمبر 1986 في محور “أبو الخصيب” بقيادة الحرس الثوري الإيراني وانطلقت العمليات برمز “محمد رسول الله” وقد استشهد أعداد كبيرة من الشباب المجاهدین فيها إذ فشلت العملية ولم تحقق الأهداف المتوقعة لها . بسبب مد مجاهدي خلق النظام البعثي بالمعلومات الإستخباراتية ضد الثورة الإسلامية وتعاونها مع النظام البعثي في العراق وهو الذي سبّب خسائر كبيرة لإيران فاضطرت إلی الإنسحاب.

تعتبر عمليات كربلاء-4 اكبر واعقد عمليه هجوميه ايرانيه منذ العام 1984 كان الايرانيون يدركون بانهم يملكون املا ضئيلا فقط في تحقيق انتصار حاسم في هذه الحرب ضد العراق لكنهم املوا في اسقاط النظام الحاكم في العراق عن طريق حرب استنزاف طويلة . حضرت ايران القوات لهذه العملية ومابعدها بتجنيد المزيد من المقاتلين في صفوف (البسیج ) قوات التعبئة . وافق صدام على توفير المأوى لآلاف أعضاء زمرة مجاهدي خلق بمن فيهم قائدهم مسعود رجوي الذي اختفى أثره منذ عام 2003، مقابل استخدم زمرة مجاهدي خلق في العمليات ضد إيران. ساعدت زمرة مجاهدي خلق النظام البعثي كثيراَ بعد اسقرارها في العراق ، بشتى الطرق من خلال الأنشطة والخدمات التالية للعراق: عمليات التخريب والاغتيال داخل إيران خاصة اغتيال مقاتلين وقادة عسكريين إيرانيين ، والتجسس علی الأنشطة العسكرية الإيرانية ، وإطلاق دعايات وشائعات معادية لإيران عبر إذاعة التنظيم في العراق من أجل إضعاف الإرادة وتقليص الدعم الشعبي في ساحة المعركة ، والتنصت على المكالمات الهاتفية والقوات الإيرانية. تقديم معلومات قيمة حول المنشآت العسكرية والاقتصادية الإيرانية إلى وكالات الاستخبارات العراقية ، وفي بعض الحالات الإخبار عن مواقع الاشتباكات والهجمات على القوات الإيرانية في ساحة المعركة.

كان المجاهدون قد بدأوا أنشطتهم الاستخباراتية قبل وقت طويل من بدء الحرب العراقية الإيرانية. حيث استطاع عملاء مجاهدي خلق التسلل إلى مراكز أمنية وعسكرية حساسة منذ عام 1979 وبعد انتصار الثورة في إيران. شكل المجاهدون وحدة الاستخبارات في الزمرة والتي كانت تهدف تحديدًا اختراق المراكز الأمنية والعسكرية الحساسة. وفي هذا الصدد ، كشفت نشریة مجاهد رقم 152 بتاريخ 19/5/1983م ، مع إقرارها بموضوع التجسس لصالح العراق ، عن وثيقة بهذا الخصوص : “استطعنا بعد جذب بني صدر الحصول على الكثير من معلوماته ومعلومات مساعديه ، والتي تم بيعها فيما بعد للعراقيين”.

كما کشف مترجم رجوي العربي أيضًا عن تجسس المجاهدين لصالح العراق ، وهو أمر مهم للغاية بالنظر إلى موقعه في هذه الجماعة : عملت لمدة 20عاماً في معسکرات مجاهدي خلق في العراق وشاهدت عن كثب مرتزقة رجوي وخدمه وجواسيسه وأجهزته يتجسسون لصالح لصدام وبعد سقوطه تابع رجوي نشاطاته لصالح الأمريكيين المحتلين. كان نظام رجوي القيادي والإداري بأكمله جزءًا من الجيش العراقي ، ووفقًا للوثائق والرسائل التي قمت بترجمتها أو تقارير أقرب أقربائه التي قرأتها ، أدركت أن رجوي كان يتلقى النفط من العراق يوميًا مقابل خدماته التجسسیة وأضاف أن “خلال لقاء رجوي الأخیر مع صدام تم زیادته إلى إيصال يومي قدره 100 ألف برميل من النفط (3 ملايين برميل شهريا) على شكل قسائم حولها المجاهدون إلى أموال نقدية في أوروبا”. بدأت الزمرة بالتجسس لصالح صدام ومن ثم توجیه ضربات للشعب الإيراني في وضع كانوا فيه بأمس الحاجة إلى أسلحة وموارد مادية ومالية. وبالنظر إلى جرائم الزمرة وأحقادها ضد النظام الإیراني لم تکن هناك حدود للخيانة الوطنية للمجاهدين .

وتم تدريب العديد من وحدات النخبة من اعضاء الزمرة من قبل المخابرات العراقية وإرسالها إلى إيران بأوامر من قيادة عمليات الزمرة لرصد وتقديم المعلومات للقوات الجوية والمدفعية العراقية. محمد حسين سبحاني ، مسؤول استخبارات وأمني سابق في التنظيم ، كتب عن كيفية تنسيق العراق والتنظيم في الحصول على المعلومات : طلبت المخابرات العراقية (المخابرات العسكرية) من مهدي ابريشمجي معلومات استخبارية يحتاجها الجيش العراقي لتحديد مواقع الجسور. ومنشآت المياه والكهرباء والمصانع والمراكز الاقتصادية والعسكرية في إيران وقدم ابریشمجي بدوره طلبات النظام البعثي إلی مسعود رجوي ، ثم أحالت قيادة الزمرة الاحتياجات الاستخباراتية للعراق إلى وحدة الإستخبارات في الزمرة و قدم موظفو المخابرات المعلومات الأمنیة بعد الحصول علیها . كانت هناك “شبكة تنصت” في الزمرة ، كانت مصدرًا للتجسس والاستخبارات لنظام صدام حسين ، ورصدت واعترضت الشبكات اللاسلكية والاتصالات السلكية واللاسلكية الإيرانية في ساحة المعركة. في هذا القسم قام أعضاء التنظيم بفك تشفير الرسائل السرية لقادة الجيش والحرس الثوري الإيراني بسبب إلمامهم باللغة والثقافة الفارسية ثم قام رئيس المخابرات بتمرير الرسائل المكتشفة إلى مهدي أبريشمجي وأخيراً إلى جيش صدام حسين. كان الحصول على معلومات عن العملیات العسکریة وأماکن تحرك الحرس الثوري ووقت بدء العمليات من قبل الزمرة أحد الواجبات الرئيسية للمرتزقة خلال ثماني سنوات حرب الدفاع المقدسة ضد إیران .

هذه المعلومات التي جمعتها العناصر المتسللة من المجاهدين تحت غطاء القوات المقاتلة الإيرانية تم تسليمها لمنسقي المخابرات العراقية ، والتي على أساسها نفذ الجيش العراقي هجوماً واحداً. كان السبب الرئیسي في إستشهاد العديد من شهداء الثماني سنوات من الحرب المفروضة بيع مجاهدي خلق المعلومات الحيوية حول الخطوط الأمامية للمعركة للأعداء. کتبت نشریة مجاهد في العدد 240 في 14 آذار1985م : بحسب الأنباء الواردة کان الجيش يعتزم شن هجوم جديد في منطقة بانه – مريوان (الجبهة الشمالية) ومن أجل تنفيذ هذا الهجوم ، قاموا بحفر نفق كبير في المناطق الحدودية ، يبدأ بالقرب من حدود مريوان و ينتهي بعد عبور مرتفعات الحدود في مدن خرمال وسید صادق عراق . وبدأ بناء هذا النفق منذ عامين ونصف. هذه الخطة هي واحدة من أكثر الخطط العملياتية السرية للنظام الإیراني .

كما نشرت نشریة مجاهد العدد 181 بتاريخ 8/12 / 1983م : أفادت التقارير أن عدة طائرات من نوع 707 و 747 تحمل أسلحة وذخائر خاصة بالنظام هبطت في مطار مهرآباد في الأسابيع الأخيرة. ففي اليوم السابق لهجمات النظام (والفجر 4) ، نقلت طائرة شحن من طراز هوما 747 كميات كبيرة من الأسلحة إلى إيران ، معظمها صنع في الولايات المتحدة عبر فيينا إلى مطار يوغوسلافيا ثم نقلتها شركة هوما للطيران إلى إيران. بالإضافة إلى ذلك تم التأکید أن هناك رحلة جوية تطیرمن طهران إلى بيونغ يانغ كل أسبوع لحمل الأسلحة وفق الجدول المعتاد للخطوط الجوية الإيرانية. تعتبر عمليات التجسس التي قامت بها زمرة مجاهدي خلق المرتزقة لصالح النظام البعثي في عملیات کربلاء 4 في الحرب المفروضة أکبر خیانة للشعب الإیراني التي أسفرت عن استشهاد العديد من جنود الوطن وأسرهم .

Exit mobile version