mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-theme-font: minor-bidi”>في مسرحيته الشهيرة «فاوست» يصور الشاعر الالماني يوهان فون غوته (1749 – 1828) ماذا يمكن ان يصل اليه الانسان عندما يبيع نفسه للشيطان مقابل ما يعتقد انه ثمن مقبول للوصول الى الخلود، ولكنه في النهاية يصل إلى الحقيقة المرة بان التعامل مع الشيطان لا يمكن ان ينتهي الا إلى التعاسة الابدية. هذا بالضبط، ما وعاه جماعة «مجاهدي خلق» الايرانية في نهاية المطاف بعدما باعوا انفسهم ووطنهم لصدام أو الشيطان لا فرق. فهذه المنظمة هي الوحيدة التي اتفقت ايران واميركا (ياللغرابة) على تصنيفها في خانة الارهاب الدولي حتى قبل بروز القاعدة وإلى اليوم، فما مشكلتهم؟
بداية، ولسرد الحقائق نقول ان هذه المنظمة التي يحتج البعض على موقف الحكومة العراقية الشقيقة منها ومطالبتها بالخروج من الأراضي العراقية هي منظمة ارهابية بكل ما تعنيه الكلمة، مارست الارهاب ضد الغرب واميركا بالذات، من خلال الاغتيالات والتفجيرات ضد المصالح الغربية في فترة الستينات والسبعينات (لذلك هم في قائمة الارهاب الغربية منذ زمن بعيد) وضد الايرانيين منذ قيام الجمهورية حتى عهد قريب، ولعل أشهر عملياتهم تفجير مقر الحزب الجمهوري وعملية تفجير البرلمان الايراني في اوائل الثمانينات، اللتان نتج عنهما مقتل العشرات من كبار المسؤولين الايرانيين، منهم على سبيل المثال الرئيس الايراني الاسبق رجائي وياليه باهونر ورئيس البرلمان الايراني الاسبق بهشتي وغيرهما، وضد العراقيين بعد ان انتقلوا إلى العراق تحت حماية صدام، فمن خلاله صار لهم من الصلاحية والقدرة على التحرك داخل العراق ما لم يكن أي عراقي يحلم بالوصول اليه، بمن فيهم رجال الاستخبارات العراقية. وبالفعل خصصت لهم مقار عدة في بغداد، منها على سبيل المثال لا الحصر، ما كان موجودا خلف وزارة الزراعة، وما بين فندق السدير نوفوتيل وشارع السعدون، اربعين حرامي، شارع ابي نواس، شارع النضال وساحة الاندلس بالقرب من بدالة العلوية ومستشفى بغداد وفندق الامواج وكانت عناصر هذه المنظمة تمارس مهام الحماية والمراقبة مع صلاحيات شبه مطلقة، حيث كانت موجودة في كل شارع، خصوصا في المناطق القريبة من مقرات الحكومة والقصور الرئاسية وبيوت الحاشية والمسؤولين والوزراء، وكان العراقيون يلاحظون تلك العناصر المدججة بالسلاح وسياراتهم الخاصة المدرعة ونتج عن هذا الوضع الشاذ ان العشرات من العراقيين ذهبوا ضحايا قتلا أو اعتقالا، اما عمدا واما سهوا، لمجرد الاشتباه أو عدم التوقف في الليل. ان وجود هذه المنظمة والمدربة عسكريا والمسلحة حتى النخاع في معسكر أشرف (معسكر وليس مدينة) وباقي المعسكرات التي أنشأها صدام لهم إلى اليوم ليس فقط خلافا للسيادة العراقية بل هي في نهاية المطاف تشجيع للمنظمات الارهابية في طول العالم وعرضه ورسالة بانه يمكنك ان تمارس الجريمة وان تولغ في دماء الابرياء ثم تنجو بفعلتك فقط بان تبيع نفسك للشيطان (أي شيطان كان صغيرا أو كبيرا)، إن ابعاد هذه المنظمة من العراق لا يصب فقط في مصلحة العراق، بل يشمل ايضاً مصلحة المنطقة برمتها، وعلى من يتباكى على هؤلاء الارهابيين الذين لفظتهم الدنيا برمتها ان يعلم ان من باع نفسه للشيطان سيكون مستعدا لعمل أي شيء لاستكمال الصفقة حتى طعن من استضافه في الظهر فمن يخن بلاده يخن أي احد. أعتقد اننا كعرب من واجبنا ان نقف إلى جانب العراقيين في موقفهم العادل من قضية هؤلاء المسلحين الاجانب على ارضهم، ومن لا يزل غير مقتنع، فالحل البديل هو ان «يستضيفهم» على ارضه بعيدا عن العراق، فهم في النهاية مجرد 3500 عسكري وكم دبابة د.عبد النبي العطار
جريدة القبس الكويتيه