قامت قناة “برس تي في” في مقال لها بتسليط الضوء على الأنشطة المالية السرية للكيان الصهيوني وزمرة مجاهدي خلق من أجل استقطاب مؤيدين من بين أعضاء البرلمان الأوروبي.
وفي هذا الاطار كتبت “برس تي في” :في الآونة الأخيرة، كشف خلاف قصير بين مذيع تلفزيوني وسياسية سابقة ومشرعة من دولة صغيرة على أطراف الاتحاد الأوروبي عن مشكلة طويلة الأمد تتمثل في الضغط الغامض في أعلى مؤسسات الاتحاد الأوروبي في بروكسل.
سأل مذيع تلفزيوني في برنامج حواري كرواتي شهير الضيفة، كيف تتعامل مع التضخم المتزايد في أوروبا بنسبة 13 في المائة بينما توفر 700 ألف إلى 800 ألف يورو في حسابات بنكية متاحة للجمهور.
كانت البيانات المالية واضحة للمذيع لأن هيئات مكافحة الفساد الكرواتية تطلب من السياسيين البارزين إتاحة أصولهم للجمهور على الإنترنت كل عام لتجنب تضارب المصالح.
تفاجأت ماريانا بيتير ، عضو البرلمان الكرواتي ، ضيفة البرنامج ، بشكل واضح من هذا السؤال غير المتوقع.
لم تزعج من التضخم وخسارة حوالي مائة ألف يورو، ولكن من حقيقة أن هذه المعلومات غير المعروفة تم تقديمها في برنامج شائع جدا يشاهده أكثر من نصف مليون شخص، أي ما يقرب من ربع السكان البالغين في كرواتيا .
لذلك ، بدلًا من الرد على موضوع التضخم، قامت على الفور بتغيير الموضوع وقالت: إن مدخراتها مسألة شخصية، فهي تكسب كل شيء بشكل عادل وتقدم معلوماتها المالية بانتظام وشفافية إلى المؤسسات ذات الصلة.
تحققت توقعاتها القاتمة حيث طغت معلومات حسابها المصرفي على الأجزاء الأخرى من المقابلة واصبحت الموضوع الساخن لوسائل الإعلام الكرواتية والرأي العام لعدة أيام.
وسرعان ما خرجت الكثير من البيانات المثيرة للاهتمام . على سبيل المثال، من بين 151 عضوا في البرلمان الكرواتي، والذي يضم رجال أعمال بارزين وورثة أثرياء، تمتلك بيتير أكبر مدخرات مستقلة، حوالي 700000 يورو. مدخراتها تقريبا تعادل ضعف الأصول التي تم الإبلاغ عنها هذا العام لرئيس كرواتيا الحالي، زوران ميلانوفيتش، الذي شغل مناصب سياسية لمدة عقدين، بما في ذلك منصب رئيس الوزراء وزعيم ثاني أكبر حزب في كرواتيا.
بالإضافة إلى ذلك، تظهر بيانات الممتلكات المتاحة أن بيتير لم ترث أي شيء، وليست متزوجة وليس لها ملكية مشتركة، وليس عليها قروض أو ديون. بمعنى آخر، المبلغ الإجمالي هو نتيجة عملها السياسي لمدة 17.5 عاما تقريبا – بالطبع ، باستثناء عامين من الأنشطة التي قضتها في مجالات ثانوية أخرى.
استنتج الصحفيون القلائل الذين حاولوا التحقيق في مسيرتها المهنية ومجموع راتبها أن مزاعمها بالحصول على “راتب عادل” خاطئة.
أكثر فترات إنتاجيتها هي بلا شك فترة عضويتها في البرلمان الأوروبي، حيث حصلت على راتب صاف قدره 4500 يورو خلال السنوات الخمس من 2014 إلى 2019. وهذا الرقم يقارب ثلث إجمالي مدخراته.
كانت بيتير أيضا عضوا في البرلمان الكرواتي لمدة ست سنوات، حيث كان راتبها الصافي حوالي نصف ما حصلت عليه من البرلمان الأوروبي وربع مدخراتها. إذا قمنا بتضمين وظائف بدوام جزئي خلال شبابها، فإننا بالكاد نستطيع تحديد مصدر ثلثي إجمالي مدخراتها.
بالطبع، هذا الحساب السطحي يعني أنه لم تنفق سنتا واحدا في العقدين الماضيين؛ شيء يبدو مستحيلا بالنظر إلى أسلوب حياتها الباذخة المعروفة.
على الرغم من أن هذه التناقضات أصبحت علنية، لم يستطع أحد الإجابة على السؤال المهم – من أين أتت الأموال حقا؟
البرلمان الكرواتي والبرلمان الأوروبي لا يقدمان إجابة في هذا الصدد. على الرغم من أن قواعدهم تتطلب من الأعضاء الإبلاغ عن مدخراتهم وانتماءاتهم لمجموعة المصالح، إلا أنهم ليسوا مطالبين على ما يبدو بالإبلاغ عن المصدر الكامل لأموال وسياسات اللوبيات.
يشير موقع البرلمان الأوروبي الى انها ولفترة وجيزة ترأست مجموعة الصداقة الكرواتية الإسرائيلية، بينما يسرد موقع البرلمان الكرواتي عضويتها في مجموعات الصداقة البرلمانية الدولية مع المجر و”إسرائيل” ومقدونيا الشمالية والولايات المتحدة.
لا توجد حتى وسيلة إعلام كرواتية أو أوروبية واحدة، ولا مقال صحفي واحد، ولا حتى مدونة واحدة كتبت عن أصحاب العمل الحقيقيين وأنشطة اللوبيات.
إن الإجابة على السؤال بشأن كيفية قيام سياسية ومزارعة مجهولة بتوفير مئات الآلاف من اليورو هو أمر بسيط للغاية – الجواب يأتي من جماعات الضغط المناهضة لإيران والفلسطينيين وزمرة المنافقين الإرهابية ومقرها ألبانيا والكيان الإسرائيلي في برلمان الاتحاد الاوروبي .
بعد أسبوعين فقط من دخولها برلمان الاتحاد الأوروبي، ذكرت بفخر على موقعها الخاص على الإنترنت أنها العضو الكرواتي الوحيد في هذا البرلمان الذي يتخذ موقفا متحيزا مع الكيان الصهيوني، وأضافت أن لديها علاقات وثيقة مع “إسرائيل”.
لقد روجت بيتير مرارا في خطاباتها للكذبة القائلة بأن الفلسطينيين يستخدمون “دروعا بشرية” وبالتالي تجاهلت جرائم الحرب التي ارتكبها الكيان الصهيوني. كما ادعت أن المساعدات الإنسانية التي يقدمها الاتحاد الأوروبي لفلسطين “تمول الإرهاب” ، وساوت بين انتقاد “إسرائيل” – أي دعم فلسطين – ومعاداة السامية ، وطالبت بوضع حركة حزب الله اللبنانية على قائمة الإرهاب التابعة للاتحاد الأوروبي ، إلخ. .
وقد سافرة إلى الأراضي المحتلة ثلاث مرات على الأقل، ومن هناك عارضت بفخر وضع علامات الاتحاد الأوروبي على المنتجات المصدرة من المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في مرتفعات الجولان المحتلة وقطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية.
وبناء على هذا تدافع بيتير بشدة عن كيان فصل عنصري مسؤول عن التطهير العرقي لملايين المسلمين الفلسطينيين ومئات الآلاف من المسيحيين الفلسطينيين، لكنها في الوقت نفسه تقدم نفسها بشكل متناقض على أنها كاثوليكية تشعر بقبق جاد حيال انتهاك حقوق المسيحيين في العالم. وفي أحد شعاراتها الغريبة، وصفت إيران وسوريا وتركيا بـ “الدول الأكثر عدوانية ضد المسيحيين”.
هناك أيضا أدلة كثيرة تشير إلى علاقاتها الوثيقة مع زمرة مجاهدي خلق ، وهي منظمة إرهابية سيئة الصيت مناهضة لإيران ومقرها ألبانيا ومسؤولة عن قتل عشرات الآلاف من الإيرانيين، والتي اشير إليها بيتير بشكل غير مباشر – على موقعها الإلكتروني – باسم “منظمة حقوق الإنسان الإيرانية”.
عقدت اجتماعات مع مريم رجوي، وروجت لهذه الزمرة عبر حسابها على تويتر، والأهم من ذلك أنها استخدمت معلوماتهم الكاذبة لتقديم مواد معادية لإيران في برلمان الاتحاد الأوروبي.
من بين خطاباتها العديدة المعادية لإيران، هناك كلماتها الغريبة التي تدعي فيها: “نعلم جيدا أن وضع المرأة تدهور بعد الثورة” ثم تشير إلى بيانات مزيفة مختلفة من كتيبات زمرة مجاهدي خلق ، بما في ذلك ادعاء “عدم توفير التعليم إلى الفتيات”.
وبشكل مثير للدهشة، لم يفند أحد من بين أعضاء البرلمان الأوروبي السبعمائة بيتير أو يصحح جهلها. كما قالت فيديريكا موغيريني، الممثلة العليا / نائبة رئيس الاتحاد الاوروبي، إنها على دراية بـ “الوضع المقلق”.
تقتصر معظم أنشطة بيتير الأخرى في برلمان الاتحاد الأوروبي على القضايا الزراعية والإقليمية الهامشية المتعلقة بمنطقة البلقان، لذا يمكن استبعاد إمكانية استفادتها من أشكال اللوبيات الأخرى.
بيتر ليست استثناء مجهولا. من بين 11 ممثلا كرواتيا في برلمان الاتحاد الأوروبي من 2014 إلى 2019 ، شارك ثلاثة آخرون في أنشطة مناهضة لإيران متحالفين مع زمرة المنافقين: جوزو رادوس ، وجيليانا زوفكو ، وروزا توماشيتش. لاديسلاف ايليجيج حلا محل توماشيج منذ 2021 وبدا نشاطه .
هناك ظاهرة مماثلة في البلد المجاور – سلوفينيا. فهذه البلاد ايضا لديها خمسة ممثلين عملوا لصالح زمرة المنافقين الإرهابية في السنوات الأخيرة: فرانك بوجوفيتش ، وليودميلا نوفاك ، وباتريسيا شولين ، ورومانا توميتش ، وميلان زوفر.
بشكل عام، شارك ما بين 40 و 50 شخصا في مثل هذه الأنشطة في برلمان الاتحاد الأوروبي في السنوات الأخيرة. أكثر من نصفهم من دول شرق الاتحاد الأوروبي والباقي من الأحزاب الهامشية في الدول الغربية للاتحاد الأوروبي.
من الواضح أن شراء زمرة المنافقين لعضو بارز في البرلمان الأوروبي من حزب كرواتي كبير هو قضية خطيرة؛ ليس فقط بسبب التكاليف والاثار الجانبية، ولكن أيضا بسبب العواقب الدولية. ولكن من ناحية أخرى، لا يمثل التعامل مع الأعضاء الرخيصة في الدول المحيطة بأوروبا مشكلة.
تذكرنا قضية بيتير أيضا بالقضية الإسبانية الموثقة جيدا والتي مولت فيها زمرة المنافقين الحملة الأوروبية لحزب فوكس اليميني المتطرف بعدة مئات الآلاف من اليورو.
في هذه الحالة أيضا، حدث كل شيء بحذر وبشكل قانوني دون أي عملية لمكافحة الفساد أو خلافات كبيرة.
لذلك ، تمكنت زمرة إرهابية مناهضة لإيران بتكلفة قليلة نسبيًا تبلغ بضعة ملايين يورو من داعميها الصهاينة / من جمع عدد من الممثلين بقدر ما لبولندا في برلمان الاتحاد الأوروبي.
هذه ليست مشكلة إيران فقط ، بل انها مشكلة أوروبية أيضا.
يعتقد الخبراء أن على المواطنين الأوروبيين أن يسألوا أنفسهم، إذا كانت أعلى مؤسسة في الاتحاد الأوروبي عرضة لضغط اللوبيات، فما مدى ضعف هذا البرلمان أمام الشركات فائقة الثراء، ناهيك عن كيان محتال يقع على الجانب الآخر من المياه! .