كنا نعتقد أننا وعقب الأتفاقية الأمنية
التي ابرمت مع الولايات المتحدة الأمريكية والتي بموجبها ستسحب قواتها في عام 2011 نهائيا من بلدنا ، أن قدرا كبيرا من السيادة العراقية قد تحقق، وأنه وبحلول عام 2011 نكون قد نلنا سيادتنا كاملة، وكنا نعتقد أيضا أن حقبة بريمر ومن خلفه كروكر قد أنتهت ، وأن السفير الأمريكي الجديد في العراق كريستوفر هيل جاء بنفس يستوعب متغيرات المرحلة، غير أن حديثه الأخير في الكونغرس الأمريكي يعكس مسألتين كلاهما غاية في الأهمية، الأولى أن هناك مفهوم أمريكي للسيادة غير الذي في رؤوسنا، وثانيتهما هي أنه لم يعي الدرس العراقي جيدا..فقد تحدث السفير عن ((حرص الولايات المتحدة على صيانة الحقوق الأنسانية)) فيما يتعلق بسكان معسكر أشرف من أعضاء منظمة خلق الأرهابية الموجودين على الأراضي العراقية ، كما قال هيل في الحديث ذاته أنه ((ينتظر من العراق أحترام هواجسنا والعمل والتنسيق معنا في هذا الموضوع)) مشيرا ألى((أن سيادتهم ـ ويقصد العراقيين ـ علىأراضيهم يجب أن لا تمارس على حساب حقوقالأنسان))…وذلك بيت القصيد فتلك لعمري
مسألة يجب أن لا تمر دون الوقوف عندها ،
فمثلما قلنا في البداية فأن حديث هيل يعكس عودة نحو نقطة البداية بعد أحتلال العراق من قبل القوات الأمريكي في عام 2003، حيث السفير الأمريكي الحاكم المطلق مدنيا وعسكريا، وحيث أنه الذي يملي على العراقيين خياراتهم، وهو الذي يفكر بدلا عنهم، كما يعكس منهجا لم تغادره القيادات الأمريكية بالكيل بمكيالين، ففي الوقت الذي تتحدث فيه عن حقوق الأنسان بما يتعلق بعناصر منظمة خلق التي تتواجد على الأرض العراقية خلافا لأراة الشعب العراقي وحكومته، يجري التغاضي بأنتقائية مؤلمة عن أنتهاكات عناصر تلك المنظمة لحقوق الأنسان العراقي التي مارستها طيلة أكثر من عقدين من الزمن كأداة قمعية بيد نظام صدام أستخدمها بطريق ممنهجة ضد أبناء شعبنا، ناهيك عن جرائمهم التي أرتكبوها ضد أبناء الشعب الأيراني الجار، كا أن طرح (هيل) يعكس أن الأدارة الأمريكية ما زالت مستمرة بأستخدام ورقة منظمة خلق في اللعبة السياسية الأقليمية وهذه عبر أدارة أسطوانة حقوق الأنسان، وهي أسطوانة مشخوطة ملت الشعوب سماعها….ووفقا لما يمكن تصوره من معطيات تقف خلف ما طرحه كروكر، نكون لم نذهب بعيدا حين نؤكد أن الكثير من الدماء التي سالت على الأرض العراقية قبل الأحتلال الأمريكي وبعده تقف ورائها تلك النظرة القاصرة للساسة الأمريكيين، كما تقف خلفها أجنداتهم التي لا تأخذ في الحسبان مفهوم العراقيين في موضوع السيادة..
لقد بدا الأمر وكأن هيل هو السيد المطاع في بغداد، وما صدر عن كرستوفر هيل في جلسة الكونغرس الأمريكي تجاوز صارخ على السيادة الوطنية العراقية،وهو شأن يقتضي موقفا وطنيا حازما وصارما من الحكومة العرقية ومن القوى السياسية العراقية سواءا المشاركة في العملية السياسية أو التي لم تشارك، كما يقتضي رفضا شعبيا عراقيا، وأدانة كاملة من جميع القوى التي ترغب بأستقرار المنطقة وأمنها..
كتب المحرر السياسي لوكالة العراق
المركزية للأنباء