بسم الله الرحمن الرحيم
تتقاذف الكلم كأنها حمم لا مفر منها، فتنساق الجموع استعطافا لها، فلم يعد عاقلٌ إلا وافتتن بها. فليس بالغريب أن تهاجم إيران وأنت ضدها، بالحكمة فقط، ماذا يعني أنك ضدي؟، هو جواب شافي لكل ما يحرضك ضدي.
إيران الملل، وإيران الفتن ، وإيران الزلل، على حد من يقف ضدها.
لم يقم نظام إلا ولديه معارضوه، فمجاهدو خلق هم معارضو نظام الشاة، وبعد دحر الشاة من قبل إرادة الشعب، واختيار الحزب الإسلامي خلفا له لم يستكن مجاهدو خلق ويرضوا بالنتيجة، بل أصبحوا أيضا معارضو النظام الإسلامي، وهو ما دفعهم للجوء إلى العراق إبّان حكم صدام حسين، تعرّضت للتنكيل أينما وجدت واعتبرت منظمة إرهابية من قبل أمريكا عند غزو العراق، فلم تعد مكاتبها وناشطوها مرغوب بهم في الدول الأوروبية، وبعد مرور عدة سنوات على احتلال العراق والتخلص من صدام حسين، أعاد الأمريكان تفكيرهم بقضية مجاهدي خلق في جدواهم كورقة ضغط ضد النظام الحاكم في إيران، وهذا هو سبب مسح اسم منظمتهم من المنظمات الإرهابية، ويال السخافة، أمريكا هي من تقرر الإرهابي من غيره، فمجاهدو الشيشان ليسوا بالإرهابيين بالنسبة لأمريكا لأنهم ورقة مهمة ضد عدو نائم في الوقت الحالي، وهي روسيا.
عندما تتعذر الأسباب لسقوط نظام معين، فلا بد من شن الهجوم العنيف ضده مهما تكلّفت الظروف باصطناع الحقائق وتزييفها، وهو ما تقوم به هذه المنظمة حاليا، وتسعى إلى قلب نظام الحكم في إيران متخذة من مريم رجوي رئيسة للجمهورية المقبلة.
أكثر الأعمال تحريضا ضد النظام هو الأسلوب القمعي الذي يمارسه ضد الأحرار ( !!! )، فقط عودة إلى الماضي القريب عند انتصار الثورة وتسلم النظام الإسلامي الحكم في البلاد، من قام بعمليات الإغتيال عند تنصيب بني صدر كأول رئيس للجمهورية؟؟
عندما تكون الحقيقة هي أن مجاهدي خلق الذين تعاونوا مع بني صدر هم من قاموا بعمليات الإغتيال وتأجيج الخلاف الداخلي الذي أدّى إلى موت الكثير من البريئين، فكيف أقبل بها كمنظمة مقاومة نزيهة لظلم يدّعونه ضد الشعب الإيراني؟!، الآن تسعى هذه المنظمة إلى كسب القلوب من أجل الوقوف معها لتحقيق مآربها.
منذ انتصار الثورة وحتى الآن، تتعرض الجمهورية إلى حصار إقتصادي قوي، وهو بدوره ينعكس على الداخل، فوقف الشعب وقفة صبر لسنين طويلة على هذه الظروف القاسية تضامنا مع الحكومة، فتضامنهم هذا هو ضمان لمسيرتهم ونهضتهم، وبمجرد انكسارهم في الآونة الأخيرة؛ فتحوا ثغرة للغرب كي يحطم النهضة الصارخة التي يلتمس لها الغرب حيلة عبر السنين الماضية.
الغرب يريد من إيران آداة سهلة في يده، ولن يمكنه ذلك إلا بإزاحة النظام القائم، وهذا لن يمكنه أبدا طالما أن الشعب صامد مع الحكومة، فقوة أي نظام هو من قوة الشعب، وما يحدث الآن من ترويج باضمحلال رغبة الشعب في حكومته هو جزء من سياسة الإطاحة بالنظام الحاكم بعد أن فشلت الخطط السابقة، وتسعى منظمة مجاهدي خلق مناضلة في مهمة التخلص من النظام كي تحصل على رصيد سياسي بعد عجزها خلال السنوات الماضية.
عندما نسترجع التاريخ قليلا، العصر العباسي بالتحديد، قال أبو جعفر المنصور إلى أحد رسله ناصحا إياه، بأن خارسان هي أرض الفتن، وهذا ما يحصل الآن، سرعان ما ينفجر الشعب ويثور، والآن هو يطالب بالحرية وتغيير في الحالة الإقتصادية كأن الأمر في متناول اليدين دون الإعتبار بالحصار الإقتصادي المفروض عليهم منذ 30 عاما!، هل استكان الشعب الإيراني من عزيمته وصبره؟!
الظروف القاسية التي تشهدها إيران بعد فترة الإنتخابات من ثورات ومظاهرات وأعمال إرهابية وتخريبية كانت من نتاج المعارضة، وأدت بعض هذه الأعمال إلى قتل أعداد من المواطنين، فليس من الحكمة بمكان أن تطالب فئة بحقها من خلال أعمال تخريبية تقتل الناس!. وعند معاقبة المجرمين يُتهم النظام بعجرفته وتشدده ضد المواطنين، فمن يقتل هل نكتفي بسجنه لمدة سنتين على الأقل؟!، هذا ما تطالب به منظمة مجاهدي خلق، أن تمنع الأحكام القاسية ضد المواطنين حتى وإن أجرموا، فظاهرها فيه الرحمة، وباطنها من قبلها العذاب.
عند انتصار المحافظين في الإنتخابات الأخيرة، جعل الإصلاحيين يطعنون في نزاهة الإنتخابات، وانتصار حماس في الإنتخابات جعل العالم يحاصرها دون رحمة، لأن الطعن في نزاهتها كان صعبا، ولكن عند انتصار تيار 14 آذار لم يتم الطعن في نتائجه، فالواقع يقول أن الإسلاميين لا يجب أن ينتصروا في انتخاباتهم، وعند انتصارهم يجب الطعن في نتائج تلك الإنتخابات. وعندما خسرت المعارضة اللبنانية في الإنتخابات لم تفعل ما فعله التيار الإصلاحي في إيران، فأي ديموقراطية يتمتع بها الإصلاحيون في إيران؟!
وفي الأخير، كل هذا الهجوم الشرس على إيران ونظامها القائم سواء من قبل الإيرانيين أنفسهم أو العرب أو الغرب فهي سياسة قائمة مسددة بشكل متوازي للإطاحة بنظام صعب على الغرب أن يكسر شوكته منذ 30 عاما، فلم يعد الغرب يتحمل أن يرى قطبا آخر ينافسهم بعلومه وتقنياته البارعة التي تدهشنا يوما بعد يوم.
أحمد الشيباني